الخنزير والآدمي، فعرفنا أن القرينة لبيان الحرمة لا لقصور في معنى اللحمية، وليس للحرمة تأثير في المنع من إتمام شرط الحنث، وعلى هذا قلنا في قوله كل مملوك لي حر لا يدخل المكاتب بدون النية لأنه تلفظ بالمملوك والمكاتب متردد بين كونه مالكا وبين كونه مملوكا فإنه مالك يدا وتصرفا مملوك رقا، وكذلك صرح بالإضافة إليه والمكاتب مضاف إليه من وجه دون وجه، فللدلالة في لفظه لا يتناوله الكلام بدون النية ولكن يتناوله مطلق اسم الرقبة المذكورة في قوله: * (أو تحرير رقبة) * لأنه يتناول الذات المرقوق، والرق لا ينتقض بعقد الكتابة بدليل احتمالها الفسخ واشتراط الملك بقدر ما يصح به التحرير وذلك موجود في المكاتب فيتأدى به الكفارة. وكذلك قوله كل امرأة له طالق لا يتناول المختلعة بغير نية وإن كانت في العدة من غير النية لبقاء ملك اليد وزوال أصل ملك النكاح، وعلى عكس ما ذكرنا من معنى القصور معنى الزيادة أيضا، فإن أبا حنيفة رحمه الله قال: من حلف لا يأكل فاكهة فأكل عنبا أو رطبا أو رمانا لم يحنث، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله يحنث لان اسم الفاكهة يتناولها عند الاطلاق من غير قرينة فتكون كاملة في المعنى المطلوب بهذا الاسم، وأبو حنيفة رحمه الله يقول هي زيادة على ما هو المطلوب بالاسم لان اشتقاق اللفظ من التفكه وهو التنعم، قال تعالى: * (انقلبوا فاكهين) *: أي منعمين والتنعم زائد على ما به القوام، والرطب والعنب قوت يقع به القوام، والرمان في معنى الدواء وقد يقع به القوام أيضا وهو قوت في جملة التوابل وما يقع به القوام فهو زائد على التنعم، ولهذا عطف الله تعالى الفاكهة عليها وقال * (وعنبا) * إلى قوله: * (وفاكهة وأبا) * فللزيادة لا يتناولها مطلق الاسم كما أن للنقصان لا يتناول مطلق الاسم للسمك والجراد. وكذلك لو حلف لا يأكل إداما، عند أبي حنيفة رحمه الله الادام ما يصطبغ به لأنه تبع فلا يتناول ما يتأتى أكله مقصودا من الجبن والبيض واللحم، وعلى قول محمد رحمه الله يتناول ذلك لكمال معنى المؤادمة وهي الموافقة فيها كما في المسألة الأولى، وعن أبي يوسف رحمه الله روايتان في هذه المسألة.
وبيان النوع الثالث، وهو سياق النظم في قوله تعالى: * (فمن شاء فليؤمن