نزل أو لم ينزل، لان معنى كلامه انزل لأنك آمن والأمان ممتد، فأما ما قال علماؤنا رحمهم الله فيمن يقول: لفلان علي درهم فدرهم إنه يلزمه درهمان فذلك لتحقيق معنى العطف إذ المعطوف غير المعطوف عليه واعتبار معنى الوصل والترتيب في الوجوب لا في الواجب، أو لما تعذر اعتبار حقيقة معنى حرف الفاء جعل عبارة عن الواو مجازا فكأنه قال درهم ودرهم. والشافعي يقول يلزمه درهم واحد، لان ما هو موجب حرف الفاء لا يتحقق هاهنا فيكون صلة للتأكيد كأنه قال درهم فهو درهم.
ولكن ما قلناه أحق لأنه يضمر ليسقط به اعتبار حرف الفاء والاضمار لتصحيح ما وقع التنصيص عليه لا لالغائه، ثم معنى العطف محكم في هذا الحرف فلا بد من اعتباره بحسب الامكان، والمعطوف غير المعطوف عليه فيلزمه درهمان لهذا.
فصل وأما حرف ثم فهو للعطف على وجه التعقيب مع التراخي، هو المعنى الذي اختص به هذا الحرف بأصل الوضع. يقول الرجل (جاءني زيد ثم عمرو فإنما يفهم منه ما يفهم من قوله) جاءني زيد وبعده عمرو، إلا أن عند أبي حنيفة رحمه الله صفة هذا التراخي أن يكون بمنزلة ما لو سكت ثم استأنف قولا بعد الأول لاتمام القول بالتراخي، وعندهما التراخي بهذا الحرف في الحكم مع الوصل في التكلم لمراعاة معنى العطف فيه. وبيان هذا فيما إذا قال لغير المدخول بها: إن دخلت الدار فأنت طالق ثم طالق ثم طالق، عند أبي حنيفة رحمه الله تتعلق الأولى بالدخول وتقع الثانية في الحال وتلغو الثالثة، بمنزلة قوله أنت طالق طالق طالق من غير حرف العطف حتى ينقطع بعض الكلام عن البعض، وعندهما يتعلق الكل بالدخول ثم عند الدخول يظهر الترتيب في الوقوع فلا تقع إلا واحدة لاعتبار التراخي بحرف ثم.
ولو أخر الشرط ذكرا فعند أبي حنيفة رحمه الله تطلق واحدة في الحال ويلغو ما سواها، وعندهما لا تطلق ما لم تدخل الدار فإذا دخلت طلقت واحدة ولو كانت مدخولا بها، فإن أخر الشرط فعند أبي حنيفة رحمه الله تطلق اثنتين في الحال وتتعلق