ولكنا نقول: أنواع الكرامة لأهل البيت متفق عليه، ولكن حكم الاجماع الموجب للعلم باعتبار نصوص ومعاني لا يختص ذلك بأهل البيت، والنسب ليس من ذلك في شئ فالتخصيص به يكون زيادة، كيف وقد قال تعالى: * (واتبع سبيل من أناب إلي) * فكل من كان منيبا إلى ربه فهو داخل في هذه الآية، وهو مراد بقوله تعالى: * (ويتبع غير سبيل المؤمنين) * كما ذكرنا من الاستدلال به.
فصل: الشرط زعم بعض الناس أن انقراض العصر شرط لثبوت حكم الاجماع. وهو قول الشافعي رحمه الله أيضا، لان قبل انقراض العصر إذا بدا لبعضهم رأي خلاف رأي الجماعة فإن ما ظهر له في الانتهاء بمنزلة الموجود في الابتداء ولو كان موجودا لم ينعقد إجماعهم بدون قوله، فكذلك إذا اعترض له ذلك، ولا يقع الامن عن هذا إلا بانقراض العصر على ذلك الاجماع، ألا ترى أن أبا بكر رضي الله عنه كان يسوي بين الناس في العطايا وكانوا لا يخالفونه في ذلك، ثم فضل علي رضي الله عنه في العطايا في خلافته ولا يظن به مخالفة الجماعة، فعرفنا أن بدون انقراض العصر لا يثبت حكم الاجماع، وقال علي رضي الله عنه: اتفق رأيي ورأي عمر على أن أمهات الأولاد لا يبعن، وأنهن أحرار عن دبر من الموالي، ثم رأيت أن أرقهن. فلو ثبت الاجماع قبل انقراض العصر لما استجاز خلاف الاجماع برأيه.
وأما عندنا انقراض العصر ليس بشرط، لان الاجماع لما انعقد باعتبار اجتماع معاني الذي قلنا كان الثابت به كالثابت بالنص، وكما أن الثابت بالنص لا يختص بوقت دون وقت فكذلك الثابت بالاجماع، ولو شرطنا انقراض العصر لم يثبت الاجماع أبدا لان بعض التابعين في عصر الصحابة كان يزاحمهم في الفتوى فيتوهم أن يبدو له رأي بعد أن لم يبق أحد من الصحابة، وهكذا في القرن الثاني والثالث فيؤدي إلى سد باب حكم الاجماع (أصلا) وهذا باطل. ولكنا نقول: بعد ما ثبت الاجماع موجبا للعلم باتفاقهم فليس لأحد أن يظهر خلاف ذلك برأيه لا من