عندها، فعرفنا أن تعلق الوجوب بها بجعل الشرع ذلك الوقت سببا لوجوبها فنقول: وجوب الايمان بالله تعالى كما هو بأسمائه وصفاته بإيجاب الله، وسببه في الظاهر الآيات الدالة على حدث العالم لمن وجب عليه، وهذه الآيات غير موجبة لذاتها، وعقل من وجب عليه غير موجب عليه أيضا ولكن الله تعالى هو الموجب بأن أعطاه آلة يستدل بتلك الآلة على معرفة الواجب، كمن يقول لغيره هاك السراج فإن أضاء لك الطريق فاسلكه كان الموجب للسلوك في الطريق هو الامر بذلك لا الطريق بنفسه ولا السراج، فالعقل بمنزلة السراج والآيات الدالة على حدث العالم بمنزلة الطريق، والتصديق من العبد والاقرار بمنزلة السلوك في الطريق فهو واجب بإيجاب الله تعالى حقيقة، وسببه الظاهر الآيات الدالة على حدث العالم ولهذا تسمى علامات، فإن العلم للشئ لا يكون موجبا لنفسه، ولا نعني أن هذه الآيات توجب وحدانية الله تعالى ظاهرا أو حقيقة، وإنما نعني أنها في الظاهر سبب لوجوب التصديق والاقرار على العبد، ولكون هذه الآيات دائمة لا تحتمل التغير بحال إذ لا يتصور للمحدث أن يكون غير محدث في شئ من الأوقات فكان فرضية الايمان بالله تعالى دائما بدوام سببه غير محتمل للنسخ والتبديل بحال، ولهذا صححنا إيمان الصبي العاقل، لان السبب متقرر في حقه والخطاب بالأداء موضوع عنه بسبب الصبا، لان الخطاب بالأداء يحتمل السقوط في بعض الأحوال ولكن صحة الأداء باعتبار تقرر السبب الموجب لا باعتبار وجوب الأداء، كالبيع بثمن مؤجل سبب لجواز أداء الثمن قبل حلول الاجل وإن لم يكن الخطاب بالأداء متوجها حتى يحل الاجل، والمسافر إذا صام في شهر رمضان كان صحيحا منه فرضا لتقرر السبب في حقه وإن كان الخطاب بالأداء موضوعا عنه قبل إدراك عدة من أيام أخر، وهذا لان صحة الأداء تكون بوجود ما هو الركن ممن هو أهل والركن هو التصديق والاقرار، والأهلية لذلك لا تنعدم بالصبا، فبعد ذلك بامتناع صحة الأداء لا يكون إلا بحجر شرعي، والقول بالحجر لأحد عن الايمان بالله تعالى محال، فأما الصلاة فواجبة بإيجاب الله تعالى بلا شبهة، وسبب وجوبها
(١٠٢)