الشهادة فإن رد شهادته من تمام حده ثبت ذلك بالنص، ورواية الخبر ليست في معنى الشهادة، ألا ترى أنه لا شهادة للنساء في الحدود أصلا، وروايتهن في باب الحدود كرواية الرجال، وفي رواية الحسن عن أبي حنيفة رضي الله عنهما أنه لا يكون المحدود في القذف مقبول الرواية لأنه محكوم بكذبه بالنص، قال تعالى: * (فأولئك عند الله هم الكاذبون) * والمحكوم بالكذب فيما يرجع إلى التعاطي لا يكون عدلا، ومن شرط كون الخبر حجة العدالة مطلقا كما بينا.
فصل: في بيان ضبط المتن والنقل بالمعنى قال بعض أهل الحديث: مراعاة اللفظ في الرواية واجب على وجه لا يجوز النقل بالمعنى من غير مراعاة اللفظ بحال، وذلك منقول عن ابن سيرين. قال بعض أهل النظر: قول الصحابي على سبيل الحكاية عن رسول الله (ص) في أقواله وأفعاله لا يكون حجة بل يجب طلب لفظ رسول الله (ص) في ذلك الباب حتى يصح الاحتجاج به، وهذا قول مهجور. وقال جمهور العلماء مراعاة اللفظ في النقل أولى، ويجوز النقل بالمعنى بعد حسن الضبط على تفصيل نذكره في آخر الفصل. وقد نقل ذلك عن الحسن والشعبي والنخعي. فأما من لم يجوز ذلك استدل بقوله عليه السلام: نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها، فرب حامل فقه إلى غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه فقد أمر بمراعاة اللفظ في النقل، وبين المعنى فيه وهو تفاوت الناس في الفقه والفهم، واعتبار هذا المعنى يوجب الحجر عاما عن تبديل اللفظ بلفظ آخر، وهذا لان النبي (ص) أوتي من جوامع الكلم والفصاحة في البيان ما هو نهاية لا يدركه فيه غيره، ففي التبديل بعبارة أخرى لا يؤمن التحريف أو الزيادة والنقصان فيما كان مرادا له.
وحجتنا في ذلك ما اشتهر من قول الصحابة: أمرنا رسول الله (ص) بكذا ونهانا عن كذا، ولا يمتنع أحد من قبول ذلك إلا من هو متعنت. وروينا عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان إذا روى حديثا قال: نحو هذا أو قريبا منه