فأما محمد رحمه الله فقد ذكر في كتاب الاقرار مسائل بناها على هذه الكلمات من غير استفهام في السؤال أو احتمال استفهام وجعلها إقرارا صحيحا بطريق الجواب، وكأنه ترك اعتبار حقيقة اللغة فيها لعرف الاستعمال.
والثالث: أن يكون مستقلا بنفسه مفهوم المعنى ولكنه خرج جوابا للسؤال وهو غير زائد على مقدار الجواب، فبهذا يتقيد بما سبق ويصير ما ذكر في السؤال كالمعاد في الجواب لأنه بناء عليه. وبيان هذا فيما إذا قال لغيره تعال تغد معي فقال إن تغديت فعبدي حر، فهذا يختص بذلك الغداء، ولو قالت له امرأته إنك تغتسل في هذه الدار الليلة من جنابة فقال إن اغتسلت فعبدي حر فإنه يختص بذلك الاغتسال المذكور في السؤال.
والرابع: أن يكون مستقلا بنفسه زائدا على ما يتم به الجواب بأن يقول:
إن تغديت اليوم أو إن اغتسلت الليلة، فموضع الخلاف هذا الفصل.
فعندنا لا يختص مثل هذا العام بسببه، لان في تخصيصه به إلغاء الزيادة وفي جعله نصا مبتدأ اعتبار الزيادة التي تكلم بها، وإلغاء الحال والعمل بالكلام لا بالحال، فإعمال كلامه مع إلغاء الحال أولى من إلغاء بعض كلامه، وفيما لا يستقل بنفسه قيدناه بالسبب باعتبار أن الكل صار بمنزلة المذكور وبمنزلة كلام واحد فلا يجوز إعمال بعضه دون البعض، ففي هذا الموضع لان لا يجوز إعمال بعض كلامه وإلغاء البعض كان أولى، إلا أن يقول نويت الجواب فحينئذ يدين فيما بينه وبين الله تعالى وتجعل تلك الزيادة للتوكيد. وعلى قول بعض العلماء هذا يحمل على الجواب أيضا باعتبار الحال فيكون ذلك عملا بالمسكوت وتركا للعمل بالدليل، لان الحال مسكوت عنه والاستدلال بالمسكوت يكون استدلالا بلا دليل، فكيف يجوز باعتباره ترك العمل بالدليل وهو المنصوص؟ والدليل على صحة ما قلنا إن بين أهل التفسير اتفاقا أن نزول آية الظهار كان بسبب خولة ثم لم يختص الحكم بها، ونزول آية القذف كان بسبب قصة عائشة رضي الله عنها ثم لم يختص بها، ونزول آية اللعان كان بسبب ما قال سعد بن عبادة ثم لم يختص به، ودخل رسول الله (ص) المدينة