بن أبان رحمه الله مراده من الكتاب والسنة القياس الصحيح، فإن ثبوته بالكتاب والسنة وهو قياس الشبه في اعتبار النفقة بالسكنى من حيث إن كل واحد منهما حق مالي مستحق بالنكاح.
فإن قيل: هذا إشارة إلى غير ما أشار إليه عمر، فإنه لم يقل لا نقبل حديثها لعلمنا أنها أوهمت، ولكن قال: لا ندع كتاب ربنا لأنا لا ندري أصدقت أم كذبت.
قلنا: في قوله لا ندري إشارة إلى هذا المعنى، فإن قبول الرواية والعمل به يبتني على ظهور رجحان جانب الصدق وهو بين أنه لم يظهر رجحان جانب الصدق في روايتها، والرأي يدل على خلاف روايتها فنترك روايتها ونعمل بالقياس الصحيح، وفي المعنى لا فرق بين هذا وبين قوله لا نقبل روايتها، بمنزلة القاضي يرد شهادة الفاسق بقوله ائت بشاهد آخر ائت بحجة. ومن هذا النحو حديث سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه في القسامة: أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ وحديث بسرة رضي الله عنها: من مس ذكره فليتوضأ وحديث أبي هريرة: من أصبح جنبا فلا صوم له وأما ما لم يشتهر عندهم ولم يعارضوه بالرد فإن العمل به لا يجب ولكن يجوز العمل به إذا وافق القياس، لان من كل من الصدر الأول فالعدالة ثابتة له باعتبار الظاهر، لأنه في زمان الغالب من أهله العدول على ما قال عليه السلام:
خير الناس قرني الذي أنا فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم فباعتبار الظاهر يترجح جانب الصدق في خبره، وباعتبار أنه لم تشتهر روايته في السلف يتمكن تهمة الوهم فيه فيجوز العمل به إذا وافق القياس على وجه حسن الظن به ولكن لا يجب العمل به، لان الوجوب شرعا لا يثبت بمثل هذا الطريق الضعيف، ولهذا جوز أبو حنيفة القضاء بشهادة المستور، ولم يوجب على القاضي القضاء، لأنه كان في القرن الثالث والغالب على أهله الصدق، فأما في زماننا رواية مثل هذا لا يكون مقبولا، ولا يصح العمل به ما لم يتأيد بقبول العدول روايته، لان الفسق