أهل ذلك العصر ولا من غيرهم، كما لا يكون له أن يخالف النص برأيه وهذا بخلاف رأيه قبل انعقاد الاجماع، لان الدليل الموجب للعلم لم يتقرر هناك فكان قوله معتبرا في منع انعقاد الاجماع. وأما حديث التسوية في العطاء فقد كان مختلفا في الابتداء على ما روي عن عمر رضي الله عنه قال لأبي بكر: لا تجعل من لا سابقة له في الاسلام كمن له سابقة. فقال أبو بكر: هم إنما عملوا لله فأجرهم على الله. فتبين أن هذا الفصل كان مختلفا في الابتداء فلهذا مال علي رضي الله عنه إلى التفضيل. وحديث أمهات الأولاد فالمروي أن عليا رضي الله عنه قال: ثم رأيت أن أرقهن. يعني أن لا أعتقهن بموت المولى حتى يكون الوارث أو الوصي هو المعتق لها كما دل عليه ظاهر بعض الآثار المروية عن رسول الله (ص)، وليس المراد جواز بيعهن إذ ليس من ضرورة الرق جواز البيع لا محالة. وكان الكرخي رحمه الله يقول: شرط الاجماع أن يجتمع علماء العصر كلهم على حكم واحد، فأما إذا اجتمع أكثرهم على شئ وخالفهم واحد أو اثنان لم يثبت حكم الاجماع. وهذا قول الشافعي رحمه الله أيضا، لان النبي عليه السلام قال: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ولأنه لا معتبر بالقلة والكثرة في المعنى الذي يبتنى عليه حكم الاجماع، وبالاتفاق لو كان فريق منهم على قول وفريق مثلهم على قول آخر فإنه لا يثبت حكم الاجماع، فكذلك إذا كان أكثرهم على قول ونفر يسير منهم على خلاف ذلك لا يثبت حكم الاجماع.
قال رضي الله عنه: والأصح عندي ما أشار إليه أبو بكر الرازي رحمه الله أن الواحد إذا خالف الجماعة فإن سوغوا له ذلك الاجتهاد لا يثبت حكم الاجماع بدون قوله، بمنزلة خلاف ابن عباس للصحابة في زوج وأبوين وامرأة وأبوين أن للام ثلث جميع المال، وإن لم يسوغوا له الاجتهاد وأنكروا (عليه) قوله فإنه يثبت حكم الاجماع بدون قوله، بمنزلة قول ابن عباس في حل التفاضل في أموال الربا، فإن الصحابة رضي الله عنهم لم يسوغوا له هذا الاجتهاد حتى روي أنه رجع إلى قولهم فكان الاجماع ثابتا بدون قوله، ولهذا قال محمد رحمه الله في الاملاء: لو قضى القاضي