وجود الشرط. يوضحه أن المتعلق وإن لم تكن التطليقات المملوكة له ولكن في التعليق شبهة ذلك على معنى أنه ما صح إلا باعتباره، بمنزلة الغصب فإن موجبه رد العين ولكن فيه شبهة وجوب ضمان القيمة به، وقد اعتبرنا الشبهة حتى أثبتنا الملك عند تقرر الضمان من وقت الغصب، فهنا أيضا لا بد من اعتبار هذه الشبهة، وبعدما أوقع الثلاث قد ذهبت التطليقات المملوكة كلها فلهذا لا يبقى التعليق.
ومن هذه الجملة ما قال الشافعي رحمه الله: إن المطلق محمول على المقيد سواء كان في حادثة واحدة أو في حادثتين، لان الشئ الواحد لا يجوز أن يكون مطلقا ومقيدا، والمطلق ساكت والمقيد ناطق فكان هو أولى بأن يجعل أصلا ويبني المطلق عليه فيثبت الحكم مقيدا بهما كما في نصوص الزكاة، فإن المطلق عن صفة السوم محمول على المقيد بصفة السوم في حكم الزكاة بالاتفاق. وكذلك نصوص الشهادة، فإن المطلق عن صفة العدالة محمول على المقيد بها في اشتراط العدالة في الشهادات كلها، وكذلك نصوص الهدايا فإن المطلق عن التبليغ وهو هدي المتعة والقران محمول على المقيد بالتبليغ وهو جزاء الصيد، يعني قوله: * (هديا بالغ الكعبة) * حتى يجب التبليغ في الهدايا كلها.
وكذلك إذا كان في حادثتين لان التقييد بالوصف بمنزلة التعليق بالشرط على ما قررنا، وكما أوجب نفي الحكم فيه قبل وجود الشرط أوجب في نظيره استدلالا به، ولهذا شرط الايمان في الرقبة في كفارة اليمين والظهار استدلالا بكفارة القتل، لان الكل كفارة بالتحرير فيكون بعضها نظير بعض، بمنزلة الطهارة فإن تقييد الأيدي بالمرافق في الوضوء جعل تقييدا في نظيره وهو التيمم لان كل واحد منهما طهارة، وهذا بخلاف مقادير الكفارات والعبادات من الصلوات وغيرها لان ثبوتها بالنصوص باسم العلم لا بالصفة التي تجري مجرى الشرط، وقد بينا أن اسم العلم لا يوجب نفي الحكم قبل وجوده في المسمى به فكيف يوجب ذلك في غيره؟ ولا يلزمني على هذا التتابع في صوم كفارة اليمين فإني لا أوجبه استدلالا بالمقيد بالتتابع في صوم الظهار والقتل لان هذا المطلق يعارض فيه نظائره من النصوص، فمنها مقيد بصفة التتابع ومنها مقيد بصفة التفرق يعني صوم المتعة، قال تعالى: * (وسبعة إذا رجعتم) * حتى لو لم يفرق الصوم فيها لم يجز فلا يكون حملها على أحدهما بأولى من الآخر ولأجل هذا التعارض أثبتنا فيها حكم الاطلاق. ثم هذا يلزمكم فإنكم أثبتم صفة التتابع