مباح الدم، فهذا أداء قاصر، لأنه سلمه على غير الوصف الذي هو مقتضى العقد، فإن هلك في يد المشتري لزمه الثمن لوجود أصل الأداء، وإن قتل بالسبب الذي صار مباح الدم رجع بجميع الثمن عند أبي حنيفة رحمه الله، لان الأداء كان قاصرا فإذا تحقق الفوات بسبب يضاف إلى ما به صار الأداء قاصرا جعل كأن الأداء لم يوجد.
وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: الأداء قاصر لعيب في المحل، فإن حل الدم في المملوك عيب، وقصور الأداء بسبب العيب يعتبر ما بقي المحل قائما، فأما إذا فات بسبب عيب حدث عند المشتري لم ينتقض به أصل الأداء وقد تلف هنا بقتل أحدثه القاتل عند المشتري باختياره، ولكن أبو حنيفة رحمه الله قال: استحقاق هذا القتل كان بالسبب الذي به صار الأداء قاصرا فيحال بالتلف على أصل السبب.
ومن الأداء القاصر إيفاء بدل الصرف أو رأس مال السلم إذا كان زيوفا فإنه قاصر باعتبار أنه دون حقه في الصفة، ولهذا قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله: له أن يرد المقبوض في المجلس ويطالبه بالجياد، ولو هلك المقبوض في يده قبل أن يرده لم يرجع بشئ، لان باعتبار الأصل كان فعله أداء فما لم ينفسخ ذلك الفعل لا ينعدم معنى الأداء فيه، وبعد هلاكه تعذر فسخ الأداء في الهالك، ولا يمكن إيجاب مثله لان المقبوض ملك القابض فلا يكون مضمونا عليه، وصفة الجودة منفردة عن الأصل ليس لها مثل لا صورة ولا معنى في أموال الربا فسقط حقه. وقال أبو يوسف رحمه الله:
أستحسن أن يرد مثل المقبوض (لان حقه في الصفة مرعي وتتعذر رعايته منفصلا عن الأصل فيرد مثل المقبوض) حتى يقام ذلك مقام رد العين عند تعذر رد العين، وينعدم به أصل الأداء فيطالبه بالأداء المستحق بسببه. قال: وهذا بخلاف الزكاة فيما قبض الفقير هناك لا يمكن أن يجعل مضمونا عليه، لأنه في الحكم كأنه بقبضه كفاية له من الله تعالى لا من المعطي، وبدون رد المثل يتعذر اعتبار الجودة منفردة عن الأصل، ألا ترى أن المقبوض وإن كان قائما في يده لا يتمكن من رده؟