الاخبار ليس في معناه، ألا ترى أنه لا اختصاص في باب الاخبار بلفظ الشهادة ولا بمجلس القضاء، وأن الشهادات الموجبة للقضاء تختص بذلك. وكذلك حكم الاخبار لا يختلف باختلاف المخبر به من أحكام الدين وتختلف باختلاف المشهود به، فيثبت بعض الأحكام بشهادة النساء مع الرجال ولا يثبت البعض ويثبت البعض بشهادة امرأة واحدة، وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة رضي الله عنه حجة تامة. وسنقرر هذا الكلام في الفصل الثاني إن شاء الله تعالى.
فصل: في بيان أقسام ما يكون خبر الواحد فيه حجة قال رضي الله عنه: هذه أربعة أقسام: أحدها أحكام الشرع التي هي فروع الدين فيما يحتمل النسخ والتبديل، فإنها واجبة لله تعالى علينا يلزمنا أن ندين بها. وهي نوعان: ما لا يندرئ بالشبهات كالعبادات وغيرها، وخبر الواحد العدل حجة فيها لايجاب العمل من غير اشتراط عدد ولا لفظ بل بأوصاف تشترط في المخبر على ما نبينه، وهذا لان المعتبر فيه رجحان جانب الصدق لا انتفاء احتمال الكذب، وذلك حاصل من غير عدد ولا تعيين لفظ، وليس لزيادة العدد وتعيين اللفظ تأثير في انتفاء تهمة الكذب، والصحابة رضي الله عنهم كانوا يقبلون مثل هذه الأخبار من الواحد لايجاب العمل من غير اشتراط زيادة العدد إلا على سبيل الاحتياط من بعضهم، نحو ما روي أن عليا رضي الله عنه كان يحلف الراوي على ما قال: كنت إذا لم أسمع حديثا من رسول الله (ص) وحدثني به غيره حلفته، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر رضي الله عنه أن النبي عليه السلام قال: ما أذنب عبد ذنبا ثم توضأ فأحسن الوضوء وصلى ثم استغفر ربه إلا غفر له ففي هذا بيان أنه كان يحتاط فيحلف الراوي، وما كان يشترط زيادة العدد ولا تعيين لفظ الشهادة، فلو كان ذلك شرطا لاستوى فيه المتقدمون والمتأخرون كما في الشهادات في الاحكام.
وأما ما يندرئ بالشبهات فقد روي عن أبي يوسف رحمه الله في الأمالي أن خبر الواحد فيه حجة أيضا، وهو اختيار الجصاص رحمه الله، وكان الكرخي رحمه