حقيقته اللزوم في الدين. ثم تستعمل الكلمة للشرط باعتبار أن الجزاء يتعلق بالشرط ويكون لازما عند وجوده. وبيان هذا في قوله تعالى: * (يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا) * وقال تعالى: * (حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق) * وعلى هذا قال في السير: إذا قال رأس الحصن آمنوني على عشرة من أهل الحصن إن العشرة سواه والخيار في تعيينهم إليه لأنه شرط ذلك لنفسه بكلمة على، بخلاف ما لو قال آمنوني وعشرة أو فعشرة أو ثم عشرة فالخيار في تعيين العشرة إلى من آمنهم، لان المتكلم عطف أمانهم على أمان نفسه من غير أن شرط لنفسه في أمانهم شيئا. وقد تستعار الكلمة بمعنى الباء الذي يصحب الأعواض لما بين العوض والمعوض من اللزوم والاتصال في الوجوب، حتى إذا قال بعت منك هذا الشئ على ألف درهم أو آجرتك شهرا على درهم يكون بمعنى الباء، لان البيع والإجارة لا تحتمل التعليق بالشرط فيحمل على هذا المستعار لتصحيح الكلام، ولهذا قال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله، إذا قالت المرأة لزوجها طلقني ثلاثا على ألف درهم فطلقها واحدة يجب ثلث الألف، بمنزلة ما لو قالت بألف درهم لان الخلع عقد معاوضة. وأبو حنيفة رحمه الله يقول لا يجب عليها شئ من الألف ويكون الواقع رجعيا لان الطلاق يحتمل التعليق بالشرط وإن كان مع ذكر العوض، ولهذا كان بمنزلة اليمين من الزوج حتى لا يملك الرجوع عنه قبل قبولها، وحقيقة الكلمة للشرط فإذا كانت مذكورة فيما يحتمل معنى الشرط يحمل عليه دون المجاز وعلى اعتبار الشرط لا يلزمها شئ من المال لأنها شرطت إيقاع الثلاث ليتم رضاها بالتزام المال والشرط يقابل المشروط جملة ولا يقابله أجزاء، وقد يكون على بمعنى من، قال تعالى: * (إذا اكتالوا على الناس يستوفون) * أي من الناس.
فصل وكلمة من للتبعيض باعتبار أصل الوضع، وقد تكون لابتداء الغاية، يقول الرجل خرجت من الكوفة، وقد تكون للتمييز يقال باب من حديد وثوب من قطن، وقد تكون بمعنى الباء، قال تعالى: * (يحفظونه من أمر الله) * أي بأمر الله، وقد تكون صلة، قال تعالى: * (يغفر لكم من ذنوبكم) * وقال تعالى: * (فاجتنبوا الرجس