الأولى أن يعجل أداءها قبل الصلاة وإن كان التأخير جائزا، ومنها أن وجوب الأداء يتعلق بطلوع الفجر لان اليوم اسم للوقت من طلوع الفجر إلى غروب الشمس وإنما يغنيه عن المسألة في ذلك اليوم أداء فيه، ومنها أنه يتأدى الواجب بمطلق المال لأنه اعتبر الاغناء وذلك يحصل بالمال المطلق وربما يكون حصوله بالنقد أتم من حصوله بالحنطة والشعير والتمر، ومنها أن الأولى أن يصرف صدقته إلى مسكين واحد لان الاغناء بذلك يحصل وإذا فرقها على المساكين كان هذا في الاغناء دون الأول وما كان أكمل فيما هو المنصوص عليه فهو أفضل، فهذه أحكام عرفناها بإشارة النص وهو معنى جوامع الكلم الذي قال رسول الله (ص):
أوتيت جوامع الكلم واختصر لي اختصارا هذا مثال بيان الثابت بعبارة النص وإشارته من الكتاب والسنة.
فأما الثابت بدلالة النص فهو ما ثبت بمعنى النظم لغة لا استنباطا بالرأي، لان للنظم صورة معلومة ومعنى هو المقصود به، فالألفاظ مطلوبة للمعاني وثبوت الحكم بالمعنى المطلوب باللفظ، بمنزلة الضرب له صورة معلومة ومعنى هو المطلوب به وهو الايلام، ثم ثبوت الحكم بوجود الموجب له، فكما أن في المسمى الخاص ثبوت الحكم باعتبار المعنى المعلوم بالنظم لغة فكذلك في المسمى الخاص الذي هو غير منصوص عليه يثبت الحكم بذلك المعنى ويسمى ذلك دلالة النص، فمن حيث إن الحكم غير ثابت فيه بتناول صورة النص إياه لم يكن ثابتا بعبارة النص، ومن حيث إنه ثابت بالمعنى المعلوم بالنص لغة كان دلالة النص ولم يكن قياسا، فالقياس معنى يستنبطه بالرأي مما ظهر له أثر في الشرع ليتعدى به الحكم إلى ما لا نص فيه لا استنباط باعتبار معنى النظم لغة، كما في قوله (ص): الحنطة بالحنطة مثل بمثل جعلنا الغلة هي الكيل والوزن بالرأي فإن ذلك لا تتناوله صورة النظم ولا معناها لغة، ولهذا اختص العلماء بمعرفة الاستنباط بالرأي، ويشترك في معرفة دلالة النص كل من له بصر في معنى الكلام لغة فقيها أو غير فقيه. ومثال ما قلنا في قوله تعالى: * (فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما) * فإن للتأفيف صورة معلومة ومعنى