عند وجود الشرط ولا يوجب النفي عند عدم الشرط بل ذلك باق على ما كان قبل التعليق على ما نبينه، وإنما لا نوجب الزكاة في الحوامل باعتبار نص آخر وهو قوله عليه السلام: لا زكاة في العوامل والحوامل أو باعتبار أن صفة السوم صار بمنزلة العلة في حكم الزكاة على ما قررنا. وعلى هذا قال زفر رحمه الله فيمن له أمة ولدت ثلاثة أولاد في بطون مختلفة فقال: الأكبر ابني يثبت نسب الآخرين منه، لان التنصيص على الدعوة مقيدا بالأكبر لا موجب له في نفي نسب الآخرين، وقد تبين ثبوت نسب الأكبر منه أنها كانت أم ولد له من ذلك الوقت وأم الولد فراش للمولى يثبت نسب ولدها منه بغير دعوة. وعندنا لا يثبت نسب الآخرين منه لا للتقييد بالوصف فإنه لو أشار إلى الأكبر وقال هذا ابني لا يثبت نسب الآخرين منه أيضا، ومعلوم أن التنصيص بالاسم لا يوجب نفي الحكم في غير المسمى بذلك الاسم ولكن إنما لا يثبت نسبهما منه لان السكوت عن البيان بعد تحقق الحاجة دليل النفي ويفترض على المرأة دعوة النسب فيما هو مخلوق من مائه، لأنه كما لا يحل له أن يدعي نسب (ما هو غير مخلوق من مائه لا يحل له أن ينفي نسب) المخلوق من مائه، وقبل الدعوة النسب يثبت منه على سبيل الاحتمال حتى يملك نفيه وإنما يصير مقطوعا به على وجه لا يملك نفيه بالدعوة فكان ذلك فرضا عليه.
وإذا تقرر بهذا تحقق الحاجة إلى البيان كان سكوته عن دعوة نسب الآخرين دليل النفي لا تخصيصه الأكبر بالدعوة فلهذا لا يثبت نسبهما منه. وعلى هذا قال أبو حنيفة رحمه الله: إذا قال شهود الوارث لا نعلم له وارثا غيره في أرض كذا إن الشهادة تقبل، لان هذه الزيادة لا توجب عليهم توارث آخر في غير ذلك الموضع، فكأنهم سكتوا عن ذكر هذه الزيادة وقالوا لا نعلم له وارثا غيره.
وأبو يوسف ومحمد قالا: لا تقبل هذه الشهادة لا لأنها توجب ذلك ولكن لتمكن التهمة فإنه يحتمل أنهما خصا ذلك المكان للتحرز عن الكذب وعلمهما بوارث آخر له في غير ذلك المكان ولكن الشهادة ترد بالتهمة، فأما الحكم