في صوم كفارة اليمين اعتبارا بالصوم المقيد بالتتابع في باب الكفارات فذلك يلزمكم اشتراط صفة الايمان في الرقبة في كفارة اليمين اعتبارا بنظيرها في كفارة القتل.
وعندنا هذا أبعد من الأول لان العلة واحدة هناك والحكم مختلف، وهنا الحكم والعلة جميعا مختلف فكيف يمكن تعرف حكم من حكم آخر أو تعرف علة من علة أخرى؟ ثم الدليل لنا من الكتاب قوله تعالى: * (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) * وفي الرجوع إلى المقيد ليعرف منه حكم المطلق إقدام على هذا المنهي عنه لما فيه من ترك الابهام فيما أبهم الله تعالى، وإليه أشار ابن عباس رضي الله عنهما قال: أبهموا ما أبهم الله واتبعوا ما بين. وقال عمر رضي الله عنه: أم المرأة مبهمة فأبهموها. وإنما أراد قوله: * (وأمهات نسائكم) * فإن حرمتها مطلقة وحرمة الربيبة مقيدة بقوله تعالى:
* (من نسائكم اللاتي دخلتم بهن) * وهذا غير مذكور على وجه الشرط بل على وجه الزيادة في تعريف النساء فإن النساء المذكورة في قوله: * (وأمهات نسائكم) * معرف بالإضافة إلينا، وفي قوله تعالى: * (من نسائكم اللاتي دخلتم بهن) * زيادة تعريف أيضا، بمنزلة قول الرجل عبد امرأتي وعبد امرأتي البيضاء فلا يكون ذلك في معنى الشرط حتى يكون دليلا على نفي الحكم قبل وجوده كما توهمه الخصم. وكذلك في كفارة القتل ذكر صفة الايمان في الرقبة لتعريف الرقبة المشروعة كفارة لا على وجه الشرط. وإنما لا يجزئ الكافر لأنها غير مشروعة لا لانعدام شرط الجواز فيما هو مشروع كما لا تجزئ إراقة الدم وتحرير نصف الرقبة، لان الكفارة ما عرفت إلا شرعا، فما ليس بمشروع لا يحصل به التكفير، وفي الموضع الذي هو مشروع يحصل به التكفير، ولا شك أن انعدام كونه مشروعا في موضع لا يوجب نفي كونه مشروعا في موضع آخر، ولو كان موجبا لذلك لم يجز العمل به مع النص المطلق الذي هو دليل كونه مشروعا. وبهذا تبين أن فيما ذهب إليه قولا بتناقض الأدلة الشرعية أو ترك العمل ببعضها. ثم للمطلق حكم وهو الاطلاق، فإن للاطلاق معنى معلوما وله حكم معلوم وللمقيد كذلك، فكما لا يجوز حمل المقيد على المطلق لاثبات حكم الاطلاق فيه لا يجوز حمل المطلق على المقيد لاثبات حكم التقييد فيه، ولئن سلمنا