استغراق الجنس كله ويقتضي استيفاء جميع ما الاسم موضوع له على حسب ما سلف القول فيه في بيان صفة العموم فلما كان ذلك كذلك وجب أن يكون لفظ العموم متى ورد مطلقا محمولا على بابه ومختصا بما وضع له من استغراق الجنس واستيعاب كل (1) ما لحقه الاسم حتى تقوم دلالة الخصوص كما وجب إذا خوطب بذكر سماء وأرض ورجل وفرس ونحو ذلك صرفها إلى ما يختص بها في موضع اللغة دون غيره فإن قال قائل لا نأبى أن يكون في اللغة ألفاظ موضوعة للجنس وللجمع تستغرق جميع ما تحتها وتتناول كل ما يلحقه الاسم منها إلا أن هذه الألفاظ بأعيانها لما كانت تصح للكل وللبعض كقوله تعالى قال لهم الناس (2) وقوله تعالى قالت الملائكة يا مريم (3) وقول القائل جاءني بنو تميم فساغ إطلاقها مع إرادته البعض دون الجمع وقفت موقف الاحتمال وغير جائز حملها على الكل بالاحتمال فلا يخلو حينئذ من وجوب الحكم فيه بالأقل لأن اللفظ في الحالين جميعا منتظم (4) له أو الوقف فيه حتى تقوم دلالة المراد قيل له فلو كان اللفظ الذي مخرجه العام محتمل للخصوص والعموم دعوى لا دلالة عليها وليس لأنه يصح أن يعتبره عن الخصوص صار محتملا له وللعموم وذلك لأن (5) لفظ الجمع حقيقة الثلاثة (6) فما فوقها فمن استعمله في الثلاثة فهو مستعمل له على الحقيقة فلم يعتبر (7) الاقتصار ب به (8) عليها
(١١٧)