فما توهمه: من أن الشيء الواحد لا ينتزع من الكثير بما هو كثير، فلابد من وجود جامع في الخارج.
مدفوع: بما أشرنا إليه: من أن الذهن لا ينتقل إلى الخارج، ولا ينتقل الموجود الخارجي إلى الذهن، بل للماهية في الخارج كثرة حقيقية عددية، وللعقل أن ينتزع من كل واحد من الكثرات الموجودة في الخارج مفهوما، ثم يجرده عن الخصوصيات، فيرى أن المفهوم من زيد المجرد عن الخصوصيات، غير المفهوم من عمرو بعد التجريد... وهكذا، فلم يكن للجامع بما هو جامع وجود خارجي مصب للكثرة.
وأظن أن محط البحث بين الشيخ الرئيس رحمه الله وبين الحكيم الهمداني، غير منقح عند هذا المحقق، والله العالم.
وأما حديث أن العلة في توارد العلتين على أمر واحد هو الجامع، فتنقيح المسألة موكول إلى محله، وليعلم أن الأمر ليس كما توهم; لأن العلة في الأمثلة الجزئية لم تكن الجامع; لأن العلة في هلاك الشخص - عند توارد السهمين على قلبه - هي خروج مقدار من الدم، وفي رفع الحجر هي القوة الكذائية... إلى غير ذلك.
ثم يرد على قوله: إن الملحوظ الطبيعة السارية في الخارج.
أن اللفظ إما يوضع لنفس الطبيعة السارية بحسب الوجود، أو الطبيعة المضافة إلى هذا أو ذاك، أو يوضع لنفس الطبيعة.
فعلى الأول: يكون الموضوع له خاصا; لأنه لا يكون قابلا للصدق على الكثيرين.
وعلى الثاني: يكون الوضع والموضوع له عامين، ومجرد تصور أمر عند لحاظ معنى عام لا يوجب أن يكون اللفظ موضوعا له أيضا.
فإذا تصور عند لحاظ مفهوم كلي صورة دار - مثلا - ووضع اللفظ لذاك المفهوم، لا يدل اللفظ الموضوع لذلك على صورة الدار أيضا.