ساريا في الوجودات الشخصية أيضا.
فتحصل: أنه يمكن ملاحظة تلك المرتبة من الوجود السعي في حال سريانها في الوجودات الشخصية وتعانقها بالمشخصات الجزئية; بحصول تلك المرتبة في الذهن مع ما يلزمها من المشخصات التفصيلية، فيوضع اللفظ لها.
ولا يتوجه على ما ذكرنا: من استلزام تصور المرتبة المتعانقة مع الخصوصيات أن تتصور الوجودات الجزئية التي لا نهاية لها; وذلك لأنه يلزم ذلك في كل مسألة بني الحكم فيها على ما لا نهاية له، كالقضية الحقيقية، التي يكون العنوان فيها مرآة لملاحظة تلك المرتبة; من الوجود السعي وما سرى فيه من الأفراد (1).
أقول: يستفاد من مقالته: أن المفهوم الواحد الانتزاعي لابد وأن ينتزع من موجود واحد خارجي، ولا يمكن أن ينتزع من اثنين بما هما اثنان، فعلى مقالته يلزم أن يكون لانتزاع مفهوم الإنسان - مثلا - من منشأ انتزاع واحد موجود في الخارج.
وقد يقال انتصارا لمقالته: إن العلتين المستقلتين إذا تواردتا على معلول واحد لا يمكن استناد الأثر الواحد إلى كل واحد منهما مستقلا، بل ينسب إلى الجامع بينهما; حذرا من صدور الواحد من الكثير، ويمثل لذلك بأمثلة عرفية، مثل: أن كلا من الرمحين إذا ورد على قلب شخص يكون سببا لهلاكه، فإذا وردا معا يستند الهلاك إلى الجامع بينهما.
ومثل: أنه إذا قدر كل واحد من الرجال على رفع حجر، فإذا اجتمعوا لرفعه فالعلة مجموعهم... إلى غير ذلك من الأمثلة العرفية.
وبالجملة: على مبناه لا يمكن انتزاع مفهوم واحد من الكثرات، بل لابد وأن ينتزع من الجامع بين الأفراد الموجودة في الخارج.