لا تكاد تتناهي قوة وضعفا، ومعنى اعتبارية الماهية: هو أنها أمر انتزاعي ينتزعه العقل من كل مرتبة من تلك المراتب.
مثلا: الوجود يسير في الجوهر المحسوس، فيتكون الجسم قبل أن يصل سيره إلى النمو، وينتزع العقل من مقدار ذلك الوجود المحدود بعدم النمو، أنه جسم جامد، وإذا سار الموجود، واستكمل مرتبة النمو فقط، انتزع العقل من هذه المرتبة عنوانا خاصا بها يسمى النبات، وهكذا كلما سار الوجود وترقى من مرتبة إلى مرتبة أعلى وأكمل من الأولى، انتزع العقل من تلك المرتبة عنوانا خاصا بها يسمى باسم من أسماء الماهيات المعروفة، فالحقيقة ذات الأثر هو الوجود، والماهية عنوان يشار به إلى مرتبة ذلك الوجود، لا أنها شيء في قبال الوجود.
وبهذا اتضح لك معنى الكلي الطبيعي، وأنه هو العنوان المنتزع من مرتبة خاصة من الوجود السعي، المتحقق في ضمن الوجودات الشخصية المقترنة بالمشخصات الجزئية، ومنشأ انتزاع الكلي الطبيعي هو الموجود في الخارج، ويكون له إضافة إلى كل فرد من الأفراد والخصوصيات الخارجية، وباعتبار كل من الخصوصيات يقال له: الحصص، مثلا بالإضافة إلى خصوصية الزيدية والعمرية وغيرهما، حصة من الطبيعي، فنسبة الإنسان إلى أفراده نسبة أب واحد إلى أولاده الكثيرين.
وبالجملة: لنا شيئان في الخارج:
1 - الطبيعة المنقطعة الإضافة عن الخصوصيات الفردية، وهي تكون منشأ انتزاع الكلي الطبيعي، وتكون نسبته إلى أفراده نسبة الأب الواحد إلى الولد الواحد.
2 - الطبيعة المضافة إلى الخصوصيات الفردية، وبهذا تكون منشأ لانتزاع الحصة، وتكون نسبته إلى الحصة نسبة الآباء المتعددة إلى الأبناء المتعددين، وهذا هو المراد من الكلمة الدارجة بين أهل الفن من «أن نسبة الطبيعي إلى الأفراد نسبة الآباء