ومتشخصا أيضا، إلا أنه يكون المتصور معبرا عنه بوجه، فيوضع اللفظ لنفس الطبيعة المتصورة بالعرض.
وبالجملة: المحمول في قولك: «زيد إنسان»، و «عمرو إنسان»... وهكذا، لم يكن متصورا ومعلوما بالذات، بل معلوما بالعرض; بمعنى أنه يتصور مفهوم الإنسان في الذهن، ويجعل هذا المفهوم وسيلة ومعبرا لأن يحكم على زيد، ب «أنه إنسان» وهكذا في الوضع ذاته; يتصور المعنى، وبتوسط ذلك يوضع اللفظ لنفس الطبيعة، أو لما ينطبق عليه المعنى في الخارج.
تكرار فيه زيادة تنوير تعرض سماحة الأستاذ - دام ظله - للإشكال والجواب - في اليوم التالي بنحو آخر، وحيث إنه لا يخلو عن الفائدة أحببنا ذكرهما:
أما الإشكال: فهو أنه لابد لمن يضع لفظا لمعنى كلي أو لمصاديقه أن يتصور ذلك المعنى ويلحظه، وكلما يوجد في الذهن ويتصور فهو جزئي غير قابل للصدق على كثيرين، كما هو الشأن في الوجود الخارجي، فالكلي لا يكون موجودا في كلتا النشأتين.
والسر في ذلك: هو أن الوجود - سواء كان ذهنيا أو خارجيا - مساوق للتشخص، والمتشخص لا يقبل الصدق على الكثيرين، فلا يمكن تصوير الوضع والموضوع له العامين أو الوضع العام والموضوع له الخاص.
بل يمكن أن يقال: إن الموجود الخارجي لا ينقلب عما هو عليه، ولا يصير موجودا ذهنيا، وبالعكس الموجود الذهني، لا ينقلب عما هو عليه، ولا يصير موجودا خارجيا، فالمعنى الملحوظ هو الموجود الذهني، والموجود الخارجي غير متصور أصلا، فوضع اللفظ للموجود الخارجي غير معقول; لعدم تصوره، والموجود المتصور غير مسمى اللفظ، فعلى هذا لا يمكن الوضع بجميع أقسامه; حتى الوضع والموضوع له