في المعنى يكون اللفظ فانيا فيه، بل إنما يكون في غالب الموارد بالنسبة إلى العارف باللغة; وذلك لأن من يريد تعلم لسان ولغة، فعندما يتلفظ بلفظ يتوجه إلى كل من اللفظ والمعنى في عرض واحد; من دون أن يكون فناء للفظ في معناه، كما لا يخفى على الخبير.
وإن كان مع ذلك في خاطرك ريب وشك، فلاحظ نفسك في جعلك اسما لولدك - الذي رزقك الله تعالى - بنفس الاستعمال في المرة الأولى، كما أشرنا إليه آنفا، فلعله يكفيك، ويزول الريب من خاطرك.
فظهر: أنه لو سلم كون الاستعمال إفناء اللفظ في المعنى، فإنما هو في غالب الاستعمالات والأكثري منها.
ولكن قد لا يكون كذلك، فمن الممكن أن يكون الشارع الأقدس (صلى الله عليه وآله وسلم)، وضع لفظة «الصلاة» - مثلا - في قوله: (صلوا كما رأيتموني اصلي) (1) لنفس الأركان المخصوصة بتلك الكيفية.
وإن لم تتعقل ما ذكرنا، ورأيت فناء اللفظ في المعنى في جميع الاستعمالات، فيمكن أن يقال بالفناء الذي أفاده المحقق العراقي (قدس سره)، كما سبق منه في استعمال اللفظ ثانيا في المعنى، ويجعل هذا وسيلة وكناية لإفهام لازمه، وهو طبيعي اللفظ، ولا محذور فيه عقلا، فلاحظ.
ولكن هذا إنما يتم، ويمكن إثبات الوضع شرعا ولو بهذا النحو، إذا لم تكن لتلك المعاني في الشرائع المتقدمة عين ولا أثر، ولم تستعمل تلك الألفاظ في تلك المعاني في عرف العرب قبل ظهور الإسلام.
وأما إذا كان العرب متشرعا بها، وكانوا يستعملون تلك الألفاظ فيها، وإن كان