لا يتجاوز حريم المدرسة وأهلها، بل احتجاجهم بما هو الظاهر فعلا في هذه الصورة لعله أقوى من سابقتها.
فتحصل: أن الملاك كل الملاك عند العقلاء هو ظهور الكلام في المعنى، لا الاستصحاب.
نعم: قد يكون وجود شيء في زمان - مع قرائن - أمارة على وجوده في زمان آخر، ولكن لا يكون ذلك لأجل الاستصحاب، بل لأجل أن احتمال عدمه احتمال ضعيف يكاد يلحق بالعدم، نظير الاحتمال في أطراف الشبهة غير المحصورة، فتدبر.
فظهر من جميع ما ذكرنا: سقوط الاستدلال بالاستصحاب، وقد عرفت أخيرا:
أن المقدار الثابت من بنائهم إنما هو في بعض الموارد - وهو صورة الشك في أصل النقل - وأما فيما لو علم بالاستعمال وشك في النقل فلا، فتدبر.
وثانيا: أنه لو تم المطلب في الصورة الأولى بالاستصحاب - كما زعم - فليتم في الصورة الثانية أيضا بالاستصحاب; لوجود أركانه فيها أيضا، حسبما يزعمه في الصورة الأولى، فكيف يفرق بين الصورتين; فيقال بجريان الاستصحاب في الأولى دون الثانية؟! ووجود بناء العقلاء في مورد - وهي الصورة الأولى - دون مورد، يكشف عن عدم استنادهم إلى الاستصحاب، بل مستندهم في ذلك: هو أن احتمال المخالف لطبع التقية وظاهرها لا يعتنى به، وذلك إنما هو فيما إذا شك في أصل النقل، وأما فيما لو علم النقل وشك في التقدم والتأخر فلا، فتدبر.
وثالثا: أنه يرد على ما ذكره في مجهولي التاريخ: أن مفاد الأصل العدمي هو جر العدم في عمود الزمان وجميع أجزائه، لا إثباته بالإضافة إلى أمر آخر، فإن استصحاب عدم النقل إلى زمان الاستعمال - لا بالإضافة إليه - بأن يكون ذكر زمان الاستعمال لبيان تحديد زمان عدم النقل، مثل قوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس