وقال تعالى: ﴿كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم﴾ (١).
إلى غير ذلك من الآيات والأخبار، الدالة على وجود الصلاة والصوم والزكاة والحج وغيرها بين العرب قبل ظهور الإسلام، وإن زاد عليها الإسلام أو نقص منها.
ومن الواضح أنه لابد لهم في إبراز هذه المقاصد وتفهيمها وتفهمها من ألفاظ، والظاهر أن تكون الألفاظ الدارجة بينهم في إبراز هذه المعاني، هي هذه الألفاظ الدارجة; لأنه لو كانت غير هذه الألفاظ فمقتضى طبع القضية وجريان العادة نقلها إلينا; لتوفر الدواعي إلى ذلك، ولم ينقل إلينا من ذلك شيء أصلا، مع أنهم ذكروا قصصا وأمورا لا طائل تحتها، ولا تنفع لا في أمر الدين ولا الدنيا، فعدم ذكر ألفاظ أخر في مقام التعبير عن تلك الماهيات - غير هذه الألفاظ - شاهد صدق على أنهم كانوا يعبرون عن تلك الماهيات بهذه الألفاظ، فتدبر.
ومما يشهد لذلك الآيات القرآنية النازلة في أوائل البعثة، مثل قوله تعالى في سورة «المزمل» المكية: ﴿أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا﴾ (٢).
وقوله تعالى في سورة «المدثر» المكية: ﴿قالوا لم نك من المصلين﴾ (٣).
وقوله تعالى في سورة «القيامة» المكية: ﴿فلا صدق ولا صلى﴾ (٤).
وفي سورة «الأعلى» المكية: ﴿وذكر اسم ربه فصلى﴾ (5).
إلى غير ذلك من الآيات المكية، فضلا عن الآيات المدنية، فإنها تنادي بأعلى صوتها: بأن هذه الألفاظ - من لدن نزول القرآن المجيد - استعملت في تلك المعاني