الظهور الثابت بمجرد احتمال الخلاف؟
وجهان، لا يبعد الثاني.
وغاية ما يستدل به للوجه الأول: هو أنه كما يكون الاستصحاب حجة في الشريعة المقدسة فكذلك يكون حجة عند العقلاء، وهم يعتنون بالاستصحاب في أمورهم، ففي المقام حيث يشك في نقل اللفظ من معناه الحقيقي، فمقتضى الاستصحاب العقلائي الأخذ بالمتيقن وعدم الاعتناء بالشك باليقين السابق.
ولكن - كما سيوافيك في محله - أن الاستصحاب في الشريعة المقدسة لم يكن أمارة، ولم يكن اليقين السابق أمارة على مورد الشك ومتعلقه، وغاية ما في الباب هو ترتيب آثار اليقين في ظرف الشك; سواء كان شاكا أو ظانا بالوجود أو بالعدم.
وبالجملة: الاستصحاب أصل تعبدي معتبر فيما لم يعلم بالخلاف، والظاهر أنه لم يكن عند العقلاء أصل كذلك وتعبد في حياتهم وتعيشهم، بل لم يكن عندهم مجرد العلم واليقين بأمر أمارة في مورد الشك.
وتوهم: أنه عندهم: أن «ما ثبت يدوم» فهو دليل على ذلك (1).
مدفوع: بأنه لم يثبت هذا الأمر كليا.
نعم، في بعض الموارد لا يعتنون باحتمال الخلاف إذا كان احتمال الخلاف ضعيفا غايته; بحيث تطمئن النفس ببقائه.
فتحصل: أن جر اليقين السابق والتعبد بالبقاء عند العقلاء، أو كون اليقين السابق أمارة عقلائية في مورد الشك، لا أصل له، والتفصيل يطلب من محله.
وعليه فلا يبعد أن يقال: إن عدم اعتنائهم بالشك في النقل بلحاظ أنه إذا كان للفظ ظهور في معنى، لا يرفعون اليد عنه بمجرد احتمال النقل، وهو غير الاستصحاب،