نعم: لو وصلت الغلبة إلى حد لا يرون خلافه شيئا، ويكون الاحتمال فيه صرف احتمال عقلي، فيمكن أن يقال: إنهم يرون الغلبة الكذائية في طرف أمارة على العدم في الطرف المرجوح، نظير الشبهة غير المحصورة، فإن دوران الأمر في احتمال واحد بين ألوف، لا يرون له حيثية وشأنية أصلا; ألا ترى أنك إذا أخبرت بموت صبي في بلد يكون ولدك فيه، لا تستوحش مثل ما تستوحش فيما لو أخبرت بموت صبي في محلة يكون فيها ولدك، وكذا استيحا شك من هذا أقل من استيحا شك عند سماعك بموته في شارع هو فيه، وهو أقل منه عند سماعك بموته في البيت الذي يكون فيه ولدك، وليس هذا إلا من جهة قلة الاحتمال وكثرته.
والحاصل: أن مجرد الغلبة والأكثرية ما لم يبلغ بتلك المثابة لا يعتنى بها، ولا يكون قول: «إن الظن يلحق الشيء بالأعم الأغلب» معولا عليه عند العقلاء، وإن أبيت عما ذكرنا، فلا أقل من الشك في اعتباره عندهم.
فظهر لك مما تلوناه عليك: أن التكلم في هذه المرجحات لا يسمن ولا يغني، والملاك - كل الملاك - هو الظهور، فكل ما أوجب الظهور والأظهرية يؤخذ به، وذلك يختلف باختلاف الموارد.
نعم تعرضوا خلال ذكر هذه المرجحات لأمر لا بأس بذكره، ولا يخلو عن فائدة:
وهو دوران الأمر بين النقل وعدمه (1): ويتصور ذلك على صورتين: صورة الشك في نقل اللفظ من معناه الحقيقي، والثانية صورة العلم بنقل اللفظ من معناه