الطريقية، كما هو كذلك حيث لا يكاد يكون حجة طريقا إلا ما احتمل إصابته، فلا محالة كان العلم بكذب أحدهما مانعا عن حجيته، وأما بناء على حجيتها من باب السببية فكذلك لو كان الحجة هو خصوص ما لم يعلم كذبه، بأن لا يكون المقتضي للسببية فيها إلا فيه، كما هو المتيقن من دليل اعتبار غير السند منها، وهو بناء العقلاء على أصالتي الظهور والصدور، لا للتقية ونحوها، وكذا السند لو كان دليل اعتباره هو بناؤهم أيضا، وظهوره فيه لو كان هو الآيات والاخبار، ضرورة ظهورها فيه، لو لم نقل بظهورها في خصوص ما إذا حصل الظن منه أو الاطمئنان.
وأما لو كان المقتضي للحجية في كل واحد من المتعارضين لكان التعارض بينهما من تزاحم الواجبين، فيما إذا كانا مؤديين إلى وجوب الضدين أو لزوم المتناقضين، لا فيما إذا كان مؤدى أحدهما حكما غير إلزامي، فإنه حينئذ لا يزاحم الآخر، ضرورة عدم صلاحية ما لا اقتضاء فيه أن يزاحم به ما فيه الاقتضاء، إلا أن يقال بأن قضية اعتبار دليل الغير الالزامي أن يكون عن اقتضاء، فيزاحم به حينئذ ما يقتضي الالزامي، ويحكم فعلا بغير الالزامي، ولا يزاحم بمقتضاه ما يقتضي الغير الالزامي، لكفاية عدم تمامية علة الالزامي في الحكم بغيره.
نعم يكون باب التعارض من باب التزاحم مطلقا لو كان قضية الاعتبار هو لزوم البناء والالتزام بما يؤدي إليه من الاحكام، لا مجرد العمل على وفقه بلا لزوم الالتزام به، وكونهما من تزاحم الواجبين حينئذ وإن كان واضحا، ضرورة عدم إمكان الالتزام بحكمين في موضوع واحد من الاحكام، إلا أنه لا دليل نقلا ولا عقلا على الموافقة الالتزامية للاحكام الواقعية فضلا عن الظاهرية، كما مر تحقيقه (1).
وحكم التعارض بناء على السببية فيما كان من باب التزاحم هو التخيير لو لم