السابقة عليه علم بالمعنى الحقيقي، فلم يبق لتأثير صحة الحمل في فهم المعنى الحقيقي أثر.
إذا تمهد لك ما ذكرنا: ظهر لك الفرق بين صحة الحمل والتبادر، فإن في التبادر يصح أن يقال: إنه بإلقاء اللفظ يفهم معنى ارتكازي إجمالي، والتصديق والعلم التفصيلي بمعنى اللفظ متوقف على العلم بالوضع، ولا يتمشى ذلك في صحة الحمل; لأنه لا يصح أن يقال: إن صحة الحمل تتوقف على ما له من المعنى الارتكازي الإجمالي، بل تتوقف صحة الحمل على تصور الموضوع والمحمول تفصيلا، والاتحاد كذلك، وإلا لا يصح الحمل، فلا يصح أن يقال: إن إشكال ورود الدور هنا مثل وروده في التبادر، وأن الجواب هنا عنه هو الجواب عنه هناك، كما يظهر من المحقق الخراساني (قدس سره) (1)، فلاحظ هذا في الحمل الأولي.
وأما في الحمل الشائع: فصحة الحمل كذلك عند الغير، فلا يفيد بعد ما عرفت:
أن الحمل الشائع على نحوين: تارة يكون من قبيل حمل الطبيعي على مصداقه الحقيقي، وأخرى يكون من قبيل حمل الطبيعي على مصداقه العرضي، فلا يفهم من مجرد الحمل أن الفرد مصداق حقيقي له، والحمل كذلك إنما يكون علامة للمعنى الحقيقي إذا كان المصداق مصداقا حقيقيا.
وأما صحة الحمل الشائع عند نفسه، فالأمر فيه يظهر مما ذكرناه في صحة الحمل الأولي، وحاصله:
أن الحمل الشائع إنما يكون علامة إذا كان الحمل ذاتيا، وذلك يتوقف على تصور الموضوع والمحمول، ك «زيد» و «الإنسان» - مثلا - والتصديق بأن زيدا مصداق حقيقي للإنسان، والإنسان متحد معه، وظاهر أن التصديق بذلك هو التصديق