باستماعه ينتقل إلى ما هو الجامع غافلا عن الخصوصيات من كونه صادرا في زمان معين، أو مكان كذا، أو... أو... فهو بمنزلة إلقاء نفس الجامع، فلو ألقى اللفظ من دون تقييده بقيد، ثم أثبت له الحكم المناسب لنفس الطبيعة، فهو استعمال اللفظ في نوعه، وإن القيت الطبيعة مع قيد يكون استعمالا له في صنفه، وإن القيت مع قيود فهو استعمال اللفظ في مثله، ففي جميعها ألقي نفس اللفظ، لا أنه استعمل اللفظ في شيء (1).
وأما الدفع: فهو أن الملقى إنما هو المرآة، وما يدركه السامع هو المرئي; لامتناع إلقاء نفس الشيء الخارجي في الذهن، فعلى هذا لا يدرك السامع من اللفظ الخارجي إلا صورته الحاضرة لديه، وينتقل منها إلى النوع أو الصنف أو المثل، مع أن غفلة السامع عن الخصوصيات والمشخصات لا توجب خروجه عن الشخصية، ودخوله في الجامع والكلي مع ما عليه واقعا من التعين الوجودي.
فظهر مما ذكرنا في هذا الأمر: أن باب استعمال اللفظ في شخصه أو مثله أو صنفه أو نوعه، غير باب استعمال اللفظ في معناه الحقيقي أو المجازي:
أما الأول: فواضح; لعدم الاستعمال فيما وضع له.
وأما الثاني: فلعدم الادعاء والتأويل، بل ولا العلائق المقررة لديهم - لو قيل بها - لأنها إنما تعتبر بين المعاني.
ولا يتوهم: لزوم رعاية كون الاستعمال منحصرا في الحقيقة والمجاز; حتى يكون الاستعمال في غيرهما غلطا (2); لعدم نزول وحي به، ولا دلت آية أو رواية أو دليل عقلي عليه.
نعم: لو كان المقسم للحقيقة والمجاز هو استعمال اللفظ في المعنى لكان للحصر وجه، فتدبر.