الذهني بما هو كذلك.
وبعبارة أخرى: لو حفظ الوجودان فلا تكون هناك ماهية واحدة دالة ومدلولة، فإن ما يصدق على الخارج والذهن نفس الماهية لا الماهية الموجودة في الذهن أو في الخارج.
وعلى الثاني: لا تعدد في البين، فلم يكن هناك دال ومدلول، بل نفس الماهية ليس إلا.
وعلى الثالث: أيضا تنتفي الدلالة; لأن المقيد بما هو مقيد لا يدل على المطلق بما هو مطلق، كما أن المطلق بما هو كذلك لا يدل على المقيد بما هو مقيد.
والتحقيق أن يقال: إن باب دلالة اللفظ على المعنى غير باب إلقاء اللفظ وإرادة شخصه.
وذلك لأن دلالة اللفظ عبارة عن أنه إذا خرج اللفظ من مقاطع فم المتكلم، يحصل منه صورة في ذهن السامع من قرع الهواء وتموجه في ناحية صماخه، ثم ينتقل السامع من تلك الصورة الحاصلة في ذهنه إلى الموضوع له اللفظ ومعناه، ولو ارتسم هذا الأمر برسم هندسي لكان أشبه شيء بالشكل المثلث، الذي يكون مبدأ أحد أطرافه مقاطع فم المتكلم، منتهيا إلى الصورة الحاصلة في ذهن السامع من سماع اللفظ، المنتهية إلى المعنى الخارجي الموضوع له، فهناك أمور ثلاثة:
1 - اللفظ الخارج من مقاطع الفم.
2 - والصورة والمعنى الحاصل في ذهن السامع.
3 - والمعنى الخارجي الموضوع له.
فإن كان هناك حكم فإنما هو على المعنى الخارجي الموضوع له; بإحضار لفظه الدال عليه في الذهن.
وأما إلقاء اللفظ وإرادة شخصه فعبارة عن إيجاد صورة الموضوع في ذهن السامع; لينتقل منه إلى نفس الموضوع له; وذلك لأنه بعد خروج اللفظ عن مقاطع فم