بالموجود الذهني والصورة الذهنية بما هي كذلك; لأن الصورة الذهنية معلومة بالذات، وهي تباين العقلية الاخرى - وهي المرادية والمشتاقية إليها - لأن كل فعلية تأبى عن فعلية أخرى، بل المتعلق والمقوم لصفة الشوق نفس الماهية الموجودة، فالماهية موجودة في النفس بثبوت شوقي، كما توجد في الخارج بثبوت خارجي، فللمتكلم أن يقصد إحضار المعنى بما له من الثبوت في موطن الشوق; بتوسطه بماله من الثبوت في موطن الخارج، فالماهية الشخصية الموجودة خارجا دالة بثبوتها الخارجي على نفسها الثابتة بالثبوت الشوقي (1).
أقول: في كلامه (قدس سره) مواقع للنظر، إلا أن المهم فعلا التعرض لكلامه بما يناسب المقام.
فنقول: إن ما أفاده لا يطابق لما في «الكفاية» ولا للوجدان ولا للبرهان; وذلك لأن صريح «الكفاية»: أن اللفظ الواحد خارجا باعتبار صدوره من اللافظ دال، وهو باعتبار كونه مرادا مدلول، وأما على ما حققه (قدس سره) فهما شيئان حقيقة، كما عرفت، وأين التغاير الحقيقي من التغاير الاعتباري؟!
وأما أن ما أفاده في نفسه لا يطابق الوجدان، فلأن التبادر وغيره أقوى شاهد على أن من يقول: «زيد لفظ» لا يريد إلا أن نفس هذا - أي «زيد» - لفظ، ولم يتخيل الماهية الموجودة خارجا; حتى يجعلها دالة على الصورة الذهنية من تلك الماهية، بل هذا الكلام أشبه شيء بالبحث الدرسي من الرجوع إلى باب العرف الذي لابد منه في أمثال المقام.
وأما عدم مطابقة ما أفاده للبرهان فلأن الدال والمدلول: إما يقيدان بالوجود، أو لا يقيدان به، أو يقيد أحدهما به دون الآخر.
وعلى الأول: لا دلالة للموجود الخارجي - بما هو كذلك - على الموجود