أشار إليه المحقق (قدس سره) أيضا -: هو أن وضع الألفاظ لغاية، وهي تفهيم المقاصد، والعلة الغائية علة فاعلية الفاعل، وهي التي أوجبت وضع الألفاظ لما يكون موجبا للتفهيم والتفهم، ولا يدل هذا على كون المعاني مقيدة بالإرادة، بل غايته هو أنه لابد وأن لا تخلو الألفاظ عن الإفادة والاستفادة، وهما موجودتان في وضع الألفاظ لنفس معانيها النفس الأمرية، فتدبر.
هذا كله فيما يتعلق بمقام الثبوت.
وأما مقام الإثبات: فنقول: إن التبادر قاض بإنسباق نفس المعنى من اللفظ الموضوع عند سماعه من المتكلم; من دون أن تكون للإرادة - سواء أخذت بمعناه الاسمي أو بالمعنى الحرفي - دخالة في ذلك أصلا، والتبادر هو الركن الوثيق، بل الركن الوحيد في المسألة، لأن غير التبادر من الوجوه التي يستدل بها لذلك - وقد أشار إليها المحقق العراقي (قدس سره) (1) - مرجعها إلى التبادر، وذلك مثل أنه لو قلنا بأخذ الإرادة في الموضوع له، يلزم عدم صحة الحمل في القضايا الحملية، إلا بتجريد المحمول عن التقييد المزبور، وأنه يستلزم أخذ الإرادة فيه كون الموضوع له خاصا في جميع المعاني; لفرض تقييد المعنى الموضوع له بإرادة المتكلم، وهي جزئي حقيقي، وأنه يستلزم ذلك مخالفة طريقة الوضع المستفادة من الاستقراء... إلى غير ذلك من الوجوه.
ولو أنكرنا التبادر في المسألة لم يكن التجريد أو كون الموضوع له خاصا أو مخالفة الوضع، وجها ومحذورا للمنع; لإمكان التزام الخصم به، كما لا يخفى، فتدبر.