إلى شيء; وذلك لأن الاستعمال متأخر عن المستعمل فيه، فلو أخذت الإرادة التي هي من قوام الاستعمال - أي الإرادة الاستعمالية - في المستعمل فيه لزم أن يكون المستعمل فيه متقدما على الاستعمال ومتأخرا عنه، وهذا خلف.
وهكذا الأمر لو كان التقييد بنحو آخر من أنحاء الإرادة التي أشرنا إليها; لاتحاد الملاك فيها جميعا (1).
ولكن يتوجه على هذا الوجه وجوه من الإشكال.
منها: أنه - كما ذكرنا في المعاني الحرفية - أن رتبة المستعمل فيه لم تكن متقدمة على الاستعمال، بل في رتبته; لأنه قد يستعمل الشيء بإيجاده من دون أن يكون له وجود فعلي، ومنشأ القول بالتقدم هو تخيل كون المستعمل فيه ظرفا للاستعمال، والاستعمال مظروفه قضاء للفظة «في»، وقد عرفت فساده.
ومنها: أن مقصود القائل بدخالة الإرادة في المعنى: هو أن إيجاد اللفظ مثل سائر الأفعال الاختيارية معللة بالغرض، وله غاية، وهي التفهيم والتفهم، فإرادة تفهيم المعاني والمقاصد أوجبت على المتكلم أن يتكلم بما يفهم مراده ومقصوده، فهي علة غائية للتكلم، كما أن البرء من المرض علة غائية لشرب الدواء، فإرادة تفهيم الغير أوجبت إيجاد مقدماته ومنها إيجاد اللفظ المفهم لذلك.
فلنا إرادتان:
إحداهما: إرادة تفهيم المقاصد والمطالب، ومتعلقها تفهيم المعنى للغير، والإرادة قائمة بالنفس، ومرادها غاية بالذات.
وثانيتها: إرادة استعمال اللفظ في المعنى، وهذه متأخرة عن تلك الإرادة، وتلك الإرادة أوجبت إيجاد هذه الإرادة عن مبادئها، فالإرادة المقومة للاستعمال هي هذه