لا ما نسبه المحقق العراقي (قدس سره) (1) إليه، فإن ما أسنده إليه هو مقالة شيخنا العلامة الشيخ محمد رضا الإصفهاني (قدس سره) في «الوقاية» (2) الذي يطابق التحقيق، وهو ما ذهبنا إليه، كما سيتضح لك قريبا، فارتقب.
وبالجملة: ما ذهب إليه السكاكي أقرب من غيره إلى الذوق السليم، إلا أنه مع ذلك فيه إشكالات وتناقض نشير إليها:
الأول: أن هذا القول يشترك مع قول المشهور (3) في كون الاستعمال في غير الموضوع له; لأن استعمال اللفظ في المصداق الحقيقي للموضوع له بخصوصه مجاز، فكيف بالفرد الادعائي؟! فيكون استعمال اللفظ فيما يكون فردا ادعائيا له مجازا لغويا، كما عليه المشهور، فما ذهب إليه: من أن الادعاء المزبور يجعله حقيقة لغوية، غير وجيه.
وبعبارة أوضح: استعمال اللفظ الموضوع للطبيعة في مصاديقها الواقعية مجاز، فما ظنك في المصاديق الادعائية، فالادعاء لا يخرج الكلام عن المجاز اللغوي، ولا يخفى أنه في مثل «زيد إنسان» لم يستعمل الإنسان إلا في نفس الطبيعة، وغاية ما يقتضيه الحمل هو اتحادهما خارجا، لا استعمال الطبيعة في الفرد، فتدبر.
وثانيا: أن ما ذكره السكاكي إنما يجري في الطبائع الكلية، وأما في الأعلام الشخصية - كما إذا أردت تشبيه زيد بحاتم في السخاوة - فلا سبيل إلى الادعاء واعتبار ما ليس بفرد فردا، كما كان له سبيل في الطبائع الكلية إلا بتأويل بارد، فهل يقول في ذلك بالمجاز المرسل أو شيء آخر؟!