ثم إنه لو كان ملاك تقدم السببي على المسببي وروده عليه أو حكومته عليه بملاك رفع الموضوع حقيقة أو تعبدا أو تنزيلا فلا مجال لجريان المسببي حتى لو كان موافقا للسببي، لعدم الموضوع له معه، نظير ما سبق في تقديم الطرق والأصول غير الاحرازية.
أما بناء على ما ذكرنا فاللازم الاقتصار في التقديم على صورة الاختلاف بينهما عملا أما مع الاتفاق بينهما فيجريان معا، لتحقق موضوعيها. وإن كان الاعتماد على السببي أولى ارتكازا.
أما إذا كان المسببي استصحابا فلان الاعتماد في إحراز بقاء الشئ على ما يحرز عدم ارتفاعه - وهو السببي - أولى من الاعتماد فيه على عدم إحراز ارتفاعه في فرض أنه من شأنه البقاء - كما هو مفاد المسببي - لان نسبة الأول للثاني نسبة المقتضي للامقتضي.
وأما إذا لم يكن استصحابا فلان الاستناد في البناء على الشئ إلى مقتضي إثباته المحرز له - وهو السببي الذي عرفت أنه إحرازي في مورد المسببي مطلقا - أولى من الاستناد فيه إلى عدم المقتضي لاحراز خلافه.
نعم، لو ابتلي الأصل السببي الموافق للمسببي بمعارض يمنع من جريانه لم يكن المسببي طرفا للمعارضة معه، بل يكون مرجعا بعد تساقط السببين، لما هو المرتكز من أن التصادم إنما يكون بين المقتضيين، ولا يكون اللامقتضي الموافق لأحدهما عملا طرفا للمصادمة معهما، كما ذكرنا نظيره بتوضيح في التنبيه الأول من تنبيهات مسألة تقديم الطرق والامارات على الأصول غير الاحرازية. فراجع وتأمل.