السابق، لا عدم نقض اليقين بغير الشك مما قارنه، ورفع اليد في مورد المسببي عن مقتضى اليقين السابق ليس بمحض الشك، بل بالأصل السببي المبتني على خصوصية زائدة على الشك مقارنة له صالحة للعمل، وقد سبق هناك ما يتعلق بذلك من النقض والابرام. فراجع.
ومن ذلك يظهر عدم الفرق في السببي بين الاستصحاب وغيره، كقاعدة الطهارة، لان غير الاستصحاب - أيضا - يبتني في مورد المسببي على خصوصية زائدة على الشك مقارنة له هي التي يكون بها نقض اليقين.
فهو وان لم يكن إحرازيا بالإضافة لمضمونه، للحكم به بمجرد الشك الذي لا اقتضاء له في الاحراز إلا أنه إحرازي بالإضافة لاثره في مورد المسببي، لابتنائه على خصوصية زائدة على الشك صالحة للاحراز، وهي القياس الناشئ من ضم الصغرى المتعبد بها بالأصل السببي للكبرى الشرعية.
وإن لم يكن المسببي استصحابا فمقتضى دليله وان كان هو التعبد بمضمونه بمجرد الشك الشامل لحال تحقق موضوع الأصل السببي، إلا أن التعبد بمقتضى السببي في مورده لما كان مبنيا على خصوصية زائدة على الشك مقتضية له كانت نسبته للمسببي نسبة الحكم الثابت بالعنوان الثانوي الاقتضائي للحكم الثابت بالعنوان الأولي اللا اقتضائي، نظير ما سبق منا في الوجه الأول للجمع العرفي في توجيه تقديم الطرق والامارات على الأصول غير الاحرازية.
ولعل ما ذكرنا هو الوجه في ارتكاز تقديم السببي عرفا في مقام إعمال الأدلة الواردة في مقام التعبد، حيث لا يلتفت العرف إلى تطبيق الأدلة المذكورة على نفس الأثر في مقابل تطبيقها على موضوعه، بل يكون تقدم الموضوع على أثره طبعا في مقام الثبوت منشأ لتقدم التعبد به على التعبد به في مقام الاثبات بحيث يستغني به عنه لو كان موافقا، ويقدم عليه لو كان مخالفا. ومن ثم كان مفروغا عنه بينهم، بحيث لو خرج عنه لزم تأسيس فقه جديد.