ثبوت أحد المؤديين في تحقق التنافي الذي هو معيار التعارض في المقام، لما تقدم.
ولا مجال لما ذكره بعض الأعاظم قدس سره من خروجه عن التعارض ودخوله في اشتباه الحجة باللاحجة، لعدم تحقق التنافي.
بل هو لا يجتمع مع ما اعترف به من تحقق التعارض بين دليلي الظهر والجمعة، لامتناع اجتماع مؤدييها لأمر خارج، وهو العلم بأن الواجب هو إحدى الصلاتين، لعدم تعقل الفرق بينه وبين ما مثل به للأول، وهو ما إذا كان مؤدى أحد الدليلين وجوب الدعاء عند رؤية الهلال، ومؤدى الاخر وجوب دية الحر في قتل العبد المدبر، وعلم بكذب مضمون أحدهما.
إلا أن يكون مراده بدليلي الظهر والجمعة ليس مجرد ما تضمن الامر بكل منهما، بل ما تضمن تعيين الصلاة الواحدة الواجبة بكل منهما. لكنه يدخل في التنافي الذاتي، لاستحالة اتحاد الامر الواحد بالمتباينين، كما أشرنا إليه في الجهة الرابعة من الامر الثاني.
نعم، مجرد العلم بعدم صدور أحد الخبرين لا يكفي في تنافي مدلوليهما الموجب لتعارضهما، لان مضمون كل منهما هو الحكم غير المنافي لصدور الاخر، ليكون بمدلوله الالتزامي مكذبا له.
إلا أن التعارض يكون بين دليلي صدور كل منهما، وهو إخبار الراوي عن المعصوم (ع) بلحاظ الملازمة المذكورة، فلا يشملهما دليل الحجية، لما تقدم من تحقق التنافي العملي مع الاختلاف فيها.
لكن هذا كله إنما يقتضي جريان أحكام التعارض العامة العقلية، أما الاحكام الخاصة المستفادة من الأدلة اللفظية فالظاهر قصورها عن التعارض في الصدور، لظهور أدلتها في التعارض في المضمون، لما هو المعلوم من أن موضوعها التعارض في خصوص أخبار المعصومين (ع) المتضمنة للأحكام،