بأنحاء مختلفة، وذكر له معاني متعددة قد يرجع بعضها إلى بعض. ولعل الأصل لغير واحد من تلك المعاني هو العرض المقابل للطول، حيث قد يرجع إليه استعماله بمعنى السعة في مثل قوله تعالى: " وجنة عرضها كعرض السماء والأرض " (1). وقوله سبحانه: " إذا مسه الشر فذو دعاء عريض " (2).
كما قد يرجع إليه استعماله بمعنى المنع، تشبيها للمانع بما يقف في عرض الطريق ويصد عن النفوذ والمضي، كالخشبة المعترضة في النهر المانعة من جريان الماء فيه، كما تضمنه حديث سراقة: أنه عرض لرسول الله صلى الله عليه وآله وأبي بكر الفرس. قال ابن الأثير: " أي اعترض به الطريق يمنعهما من المسير ".
ولعله لذا سميت الخشبة التي تمسك عضادتي الباب عارضة، وسمي الايراد على المطالب العلمية والاستشكال فيها اعتراضا.
وهذا هو المناسب لاطلاق التعارض في المقام، بلحاظ أن كلا من المتعارضين يمنع من العمل بالآخر، فكأنه مانع له من تأثيره لمقتضاه، وهو المطابق للمرتكزات العرفية في وجه إطلاق التعارض في أمثال المقام.
ولا وجه مع ذلك لما يظهر من شيخنا الأعظم قدس سره من عدم المناسبة بين المعنى المقصود في المقام والمعنى اللغوي، حيث فسر المعنى اللغوي للعرض بالاظهار، ومثل له بعض الأعيان المحققين ب: عرض المتاع للبيع.
على أن تفسير العرض بالاظهار لا يخلو عن إشكال، بل الظاهر أن المراد به نحو من الملابسة بين الشيئين ترجع إلى تهيئة أحدهما للاخر واعداده له، كما في المثال وفى قوله تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض " (3)،