الأولى: أن الأمر بشئ يقتضي النهي عن ضده.
الثانية: أن النهي الغيري مانع عن الصحة والانطباق كالنهي النفسي ولكن كلتا المقدمتين غير تامة أما المقدمة الأولى فلما تقدم موسعا من أن الأمر بشئ لا يقتضي النهي عن ضده لا من باب المقدمية ولا من باب أن المتلازمين لا يختلفان في الحكم وأما المقدمة الثانية فلأن النهي المتعلق بالفرد المزاحم حيث إنه نهي غيري فلا يكشف عن وجود مفسدة في متعلقه وكونه مبغوضا فإن الكاشف عن ذلك إنما هو النهي النفسي فيكون النهي الغيري كالأمر الغيري فكما أن الأمر الغيري المتعلق بشئ ناشئ عن ملاك قائم بغيره ولا ملاك في متعلقه فكذلك النهي الغيري فإنه ناشئ عن ملاك قائم في غيره ولا ملاك في متعلقه.
وعلى هذا الأساس فالنهي الغيري المتعلق بالفرد المزاحم في المقام ناشئ عن ملاك ملزم في الإزالة لا عن مفسدة فيه فإذن ظل الفرد المزاحم على ما هو عليه بعد تعلق النهي الغيري به أيضا وهو وفائه بغرض المولى وكونه محبوبا في نفسه فإذا كان باقيا كذلك فلا مانع من انطباق المأمور به عليه والحكم بالصحة لغرض أن الانطباق لا يتوقف على أن يكون الفرد المأتي به متعلقا للأمر بل هو يتوقف على أن لا يكون فيه مانع من الانطباق كالمبغوضية أو وجود مفسدة فيه والمفروض أنه لا مانع فيه كذلك من الانطباق ومجرد النهي الغيري المتعلق به لا يمنع عن الانطباق عليه بعد ما لا يكون كاشفا عن وجود مفسدة في متعلقه ولهذا قلنا أنه ليس بحكم مولوي قابل للتنجز واستحقاق العقوبة على مخالفته والمثوبة على موافقته.
وعلى هذا فلا تظهر الثمرة بين القولين في المسألة فعلى كلا القولين لا مانع من الحكم بصحة الفرد المزاحم لمكان انطباق المأمور به عليه.