متعلق التكليف إنما هو في ظرف الامتثال وهو ظرف فعلية فاعليته ولا يحكم باعتبارها فيه في ظرف الجعل لأن حكم العقل بذلك إنما هو على أساس حكمه بقبح تكليف العاجز ومن الواضح أن قبح تكليف العاجز إنما هو في مرحلة فعلية فاعلية التكليف بفعلية موضوعه في الخارج وتنجزه لا مطلقا فإذا كان المكلف في ظرف الجعل غير قادر ولكنه في ظرف الامتثال قادرا فلا مانع من جعل التكليف عليه ومن هنا تختلف القدرة المعتبرة في صحة التكليف بحكم العقل عن القيود المأخوذة في موضوع الحكم شرعا في لسان الدليل في مرحلة الجعل بنحو القضية الحقيقية كالبلوغ والعقل والوقت والاستطاعة ونحوها في نقطة وهي أن تلك القيود كما أنها دخيلة في الحكم في مرحلة الجعل ومن شروطه في هذه المرحلة كذلك أنها دخيلة في اتصاف الفعل بالملاك الذي هو روح الحكم وحقيقته في مرحلة المبادئ ومن شروطه في هذه المرحلة بلا فرق في ذلك بين أن تكون تلك القيود متمثلة في القدرة أم في غيرها بينما القدرة المعتبرة بحكم العقل غير دخيلة لا في اتصاف الفعل بالملاك في مرحلة المبادئ ولا في الحكم في مرحلة الجعل وإنما هي دخيلة فيه في مرحلة الفعلية والامتثال ومن شروطه في هذه المرحلة، ومن ناحية ثالثة أنا لو سلمنا أن اعتبار القدرة في متعلق التكليف إنما هي باقتضاء نفس التكليف فهل هذا يقتضي اعتبارها بنحو القيدية له كسائر قيوده المأخوذة فيه شرعا أو لا فيه وجهان الظاهر هو الوجه الثاني وذلك لأن ملاك اقتضاء الخطاب كون متعلقه مقدورا هو أن الغرض منه إيجاد الداعي في نفس المكلف ومن الواضح أنه لا يقتضي أكثر من كون متعلقه مقدورا في مقابل كونه غير مقدور ولا يقتضي كون القدرة قيدا له كسائر قيوده ونتيجة ذلك أنه لا يمكن توجيه الخطاب نحو الفعل غير المقدور لأنه لغو ولكن لا مانع من توجيهه نحو الفعل المقدور ولو في ضمن بعض أفراده، هذا.
(٣٨٢)