ويظهر من المحقق النائيني (قدس سره) الوجه الأول هو أن مقتضى الخطاب الشرعي كون متعلقه خصوص الحصة المقدورة ومعنى ذلك أن الخطاب يقتضي كون القدرة قيدا لمتعلقه كسائر قيوده فإذا كانت قيدا له فبطبيعة الحال توجب تخصصه بحصة خاصة وهي الحصة المقدورة.
وفيه أن هذا إنما يتم لو كان الخطاب الشرعي يقتضي كون القدرة قيدا لمتعلقه كسائر قيوده ولكن ذلك لا ينسجم مع ما ذكره (قدس سره) في وجه ذلك من أن اقتضاء الخطاب كون متعلقه مقدورا إنما هو بملاك أن الغرض منه إيجاد الداعي في نفس المكلف وتحريكه نحو الاتيان بمتعلقه ومن الطبيعي أن ذلك يتطلب كون متعلقه مقدورا لاستحالة الدعوة إلى غير المقدور لا أن القدرة قيد له وما ذكره (قدس سره) لا يتطلب أكثر من ذلك باعتبار أنه في مقابل الدعوة إلى غير المقدور.
فالنتيجة أن الخطاب الشرعي لا يقتضي كون القدرة قيدا لمتعلقه كسائر قيوده في ظرف الجعل وإنما يقتضي كونه مقدورا للمكلف في ظرف الامتثال سواء أكان مقدورا له في ظرف الجعل أيضا أم لا وعلى هذا فلا فرق بين أن يكون اعتبار القدرة بحكم العقل أو بمقتضى الخطاب فعلى كلا التقديرين يكون اعتبارها في ظرف الامتثال والفعلية على أساس أن الحكم المجعول إنما يكون داعيا ومحركا للمكلف في مرحلة فعلية فاعليته وهي مرحلة الامتثال، ومن هنا يظهر أنا لو سلمنا أن اعتبار القدرة في متعلق التكليف يكون بمقتضى نفس الخطاب لا حكم العقل فمع ذلك لا يتم ما أفاده (قدس سره) من أنه يقتضي كون متعلقه خصوص الحصة المقدورة لما عرفت من أنه لا يقتضي أكثر من اعتبارها في ظرف الامتثال والفعلية ولا يقتضي كونها قيدا لمتعلقه في مرحلة الجعل كسائر قيوده والنكتة في ذلك هي أن دلالة الخطاب على ذلك ليست بنفسه بل بضميمة مقدمة