وأما النقطة الثانية: فقد تقدم أن اعتبار القدرة إذا كان باقتضاء نفس الخطاب ليس معناه أنه يقتضي كون متعلقه خصوص الحصة المقدورة في مرحلة الجعل بمعنى أن القدرة قيد له كسائر قيوده في هذه المرحلة بل معناه أنه إنما يقتضي ذلك بضميمة مقدمة خارجية وهي أن الغرض منه إيجاد الداعي في نفس المكلف وتحريكه نحو الاتيان بمتعلقه ومن الواضح أنه إنما يصير داعيا ومحركا إذا صار فعليا بفعلية موضوعه في الخارج وعلى هذا فيدل الخطاب على داعويته في هذه المرحلة ولا يدل في مرحلة الجعل والاعتبار على كون متعلقه مقدورا فضلا عن كونه خصوص الحصة المقدورة.
وبكلمة أن داعوية الأمر تتوقف على فعلية فاعليته بفعلية موضوعه في الخارج وطالما لم تتحقق فاعليته كذلك فلا يكون داعيا ومحركا وعلى هذا فاقتضاء نفس الخطاب كون متعلقه مقدورا إنما هو في مرحلة فعلية فاعليته ومن المعلوم أنه لا يتطلب في هذه المرحلة أكثر من كون متعلقه مقدورا في مقابل كونه غير مقدور.
والمفروض أن الجامع بين المقدور وغير المقدور مقدور ولا يدل على كونه خصوص الحصة المقدورة ومن هنا قلنا أنه لا فرق من هذه الناحية بين أن يكون اعتبار القدرة بحكم العقل أو باقتضاء نفس الخطاب إذ على كلا التقديرين فالواجب ليس خصوص الحصة المقدورة بل الجامع بينها وبين غير المقدورة وعلى هذا فلا وجه لما أفاده المحقق النائيني (قدس سره) من التفصيل المذكور إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة وهي أنه لا مانع من الاتيان بالفرد المزاحم بداعي الأمر المتعلق بالجامع على كلا القولين في المسألة بلا فرق بين القول باعتبار القدرة بحكم العقل أو القول باقتضاء نفس الخطاب ذلك ومع الاغماض عن ذلك وتسليم أنه لا يمكن الاتيان بالفرد المزاحم بداعي الأمر