محل الكلام، فإن محل الكلام في المسألة إنما هو في أن اتصاف الواجب بالملاك في مرحلة المبادئ، هل يمكن أن يكون مشروطا بشرط متأخر أو لا، وأما في المثال أو ما شاكله فالواجب بما له من الملاك مقارن للشرط والمتقدم زمانا إنما هو مقدماته المفوتة، وفي مثل ذلك إذا أحرز أن ملاك الواجب تام في ظرفه ولا يجوز تفويته في أي حال وإن كان بتفويت القدرة عليه قبل الوقت، يستقل العقل بلزوم الاتيان بمقدماته المفوتة قبل الوقت لتحصيل القدرة عليه إذا لم يتمكن من تحصيلها في الوقت، فالنتيجة أن هذا ليس توجيها لتأثير الشرط المتأخر في اتصاف الواجب بالملاك في الزمن المتقدم، بل هو بيان أن ملاك الواجب إذا كان تاما في ظرفه ومهما بحيث لا يجوز تفويته ولو بترك تحصيل القدرة عليه قبل الوقت، كان يؤثر في إيجاب مقدماته المفوتة قبل الوقت عقلا.
وأما النحو الثاني فهو أيضا غير تام حتى في المثال المذكور، لأن تأثير الدواء في بدن المريض منوط بتوفر شروط منها استعداد بدنه للبرء وقبوله الصحة وعدم تدهور صحته بشكل إنتهى مفعوله ومنها غير ذلك، فإذا توفرت شروطه أثر الدواء تدريجا مرحلة بعد مرحلة بقدر مفعوله، شريطة أن لا يكون هناك مانع، فإذا كان مانع، فإن كان من الأول فهو مانع عن تأثيره حدوثا، وإن حدث بعد ذلك بسبب أو آخر فهو مانع عن تأثيره بقاء، وقد يؤثر في تدهور صحته أكثر من السابق ويبطل مفعول الدواء الأول نهائيا، كل ذلك لا صلة بتأثير الشرط المتأخر، لوضوح أن حدوث المانع في زمن متأخر لا يكشف عن عدم تأثير الدواء من الأول، بل هو يمنع عن تأثيره بقاء، وعلى هذا فمعنى أن فائدة شرب الدواء مشروطة بعدم تعرض المريض للبرء، مثلا أن تأثيره في رفع المرض عن المريض منوط بعدم تعرضه له حدوثا وبقاء،