التامة، إذ كما أن صحة الحصة المأمور بها تتوقف على الاتيان بها بتمام أجزائها وقيودها منها قيدها المتأخر، كذلك ترتب الملاك عليها يتوقف على الاتيان بها كذلك، وعليه فلو ثبت أن غسل المستحاضة في الليل المقبل قيد لصومها في اليوم بنحو القيد المتأخر، كان الواجب عليها حصة خاصة من الصوم وهي الصوم المقيد بالغسل في الليل اللاحق وهو تمام العلة للصحة وترتب الملاك وكل جزء منه جزء العلة وتأثيره منوط بتأثير الآخر لا مستقلا.
ودعوى أن العلة التامة إنما تكون مؤثرة إذا توفرت جميع أجزائها في آن التأثير وموجودة في هذا الآن وإلا فلا يعقل تأثيرها، وفي المقام ليس كذلك، لأن الصوم قد انقضى وانعدم في زمان القيد المتأخر فكيف يعقل أن يكون المجموع مؤثرا كعلة تامة مع أن المقتضى معدوم.
مدفوعة بأن المقتضي ليس هو طبيعي الصوم في المثال بل هو حصة خاصة وهي الحصة المقيدة بالقيد المتأخر، فالمعدوم إنما هو طبيعي الصوم وأما الحصة فهي بعد لم توجد وإنما توجد بإيجاد قيدها الأخير المتأخر باعتبار أن التقيد به جزء الحصة ومقوم لها والقيد خارج، ولهذا يكون بمثابة الجزء الأخير من العلة التامة، فتمام الموضوع للأمر والملاك هو الحصة، فإذا وجدت سقط الأمر وحصل الملاك، ومن الواضح أن الحصة لم توجد إلا بإيجاد قيدها المتأخر، فإذا وجد، وجدت الحصة بتمام أجزائها طولا هذا نظير الواجبات المركبة من الأجزاء الطولية كالصلاة والصيام والحج وما شاكل ذلك، فالصلاة بما أن أجزائها تدريجية فلا يمكن اجتماعها في آن واحد، فكل جزء منها يوجد بعد انقضاء الجزء السابق وهكذا، هذا بلحاظ ذوات الأجزاء، وأما بلحاظ جزئيتها فكل واحد منها مرتبط بالآخر ثبوتا وسقوطا، فالسابق يرتبط باللاحق وبالعكس، فالمجموع كتلة واحدة وغير قابلة للتجزئة