كان في الواقع أو موافقا كما في الفروع، بل المراد كفاية التقليد في الحق وسقوط النظر به عنه، إلا أن يكتفي فيها بمجرد التدين ظاهرا وإن لم يعتقد، لكنه بعيد.
ثم إن ظاهر كلام الحاجبي والعضدي اختصاص الخلاف بالمسائل العقلية، وهو في محله، بناء على ما استظهرنا منهم من عدم حصول الجزم من التقليد، لأن الذي لا يفيد الجزم من التقليد إنما هو في العقليات المبتنية (1) على الاستدلالات العقلية، وأما النقليات فالاعتماد فيها على قول المقلد - بالفتح - كالاعتماد على قول المخبر الذي قد يفيد الجزم بصدقه بواسطة القرائن، وفي الحقيقة يخرج هذا عن التقليد.
وكيف كان: فالأقوى كفاية الجزم الحاصل من التقليد، لعدم الدليل على اعتبار الزائد على المعرفة والتصديق والاعتقاد، وتقييدها بطريق خاص لا دليل عليه.
مع أن الإنصاف: أن النظر والاستدلال بالبراهين العقلية للشخص المتفطن لوجوب النظر في الأصول لا يفيد بنفسه الجزم، لكثرة الشبه الحادثة في النفس والمدونة في الكتب، حتى أنهم ذكروا شبها يصعب الجواب عنها للمحققين الصارفين لأعمارهم في فن الكلام، فكيف حال المشتغل به مقدارا من الزمان لأجل تصحيح عقائده، ليشتغل بعد ذلك بأمور معاشه ومعاده، خصوصا والشيطان يغتنم الفرصة لإلقاء الشبهات والتشكيك في البديهيات، وقد شاهدنا جماعة (2) صرفوا أعمارهم