وثانيا: أن أصالة الإباحة إنما هي فيما لا يستقل العقل بقبحه، وقد عرفت استقلال العقل بقبح التعبد بالظن من دون العلم بوروده من الشارع.
ومنها: أن الأمر في المقام دائر بين الوجوب والتحريم، ومقتضاه التخيير أو ترجيح جانب التحريم، بناء على أن دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة.
وفيه: منع الدوران، لأن عدم العلم بالوجوب كاف في ثبوت التحريم، لما عرفت (1): من إطباق الأدلة الأربعة على عدم جواز التعبد بما لم يعلم (2) وجوب التعبد (3) به من الشارع، ألا ترى: أنه إذا دار الأمر بين رجحان عبادة وحرمتها، كفى عدم ثبوت الرجحان في ثبوت حرمتها.
ومنها: أن الأمر في المقام دائر بين وجوب تحصيل مطلق الاعتقاد بالأحكام الشرعية المعلومة إجمالا، وبين وجوب تحصيل خصوص الاعتقاد القطعي، فيرجع إلى الشك في المكلف به وتردده بين التخيير والتعيين، فيحكم بتعيين تحصيل خصوص الاعتقاد القطعي، تحصيلا لليقين بالبراءة، خلافا لمن لم يوجب ذلك في مثل المقام.
وفيه:
أولا: أن وجوب تحصيل الاعتقاد بالأحكام مقدمة عقلية للعمل