الطريق مبرء مع العلم به، فإذا انسد باب العلم التفصيلي بأحدهما تعين الآخر، وإذا انسد باب العلم التفصيلي بهما تعين العمل فيهما بالظن، فلا فرق بين الظن بالواقع والظن بمؤدى الطريق في كون كل واحد امتثالا ظنيا.
وإن كان ذلك الطريق منصوبا عند انسداد باب العلم بالواقع، فنقول: إن تقديمه حينئذ على العمل بالظن إنما هو مع العلم به وتميزه عن غيره، إذ حينئذ يحكم العقل بعدم جواز العمل بمطلق الظن مع وجود هذا الطريق المعلوم، إذ فيه عدول عن الامتثال القطعي إلى الظني (1)، أما مع انسداد باب العلم بهذا الطريق وعدم تميزه عن غيره إلا بإعمال مطلق الظن، فالعقل لا يحكم بتقديم إحراز الطريق بمطلق الظن على إحراز الواقع بمطلق الظن.
وكأن المستدل توهم: أن مجرد نصب الطريق - ولو مع عروض الاشتباه فيه - موجب لصرف التكليف عن الواقع إلى العمل بمؤدى الطريق، كما ينبئ عنه قوله (2): وحاصل القطعين إلى أمر واحد، وهو التكليف الفعلي بالعمل بمؤديات الطرق.
وسيأتي مزيد توضيح لاندفاع هذا التوهم إن شاء الله تعالى.