وإن أريد من الضرر المظنون المفسدة المظنونة، ففيه أيضا: منع الصغرى، فإنا وإن لم نقل بتغير المصالح والمفاسد بمجرد الجهل، إلا أنا لا نظن بترتب المفسدة بمجرد ارتكاب ما ظن حرمته، لعدم كون فعل الحرام علة تامة لترتب المفسدة حتى مع القطع بثبوت الحرمة، لاحتمال تداركها بمصلحة فعل آخر لا يعلمه المكلف أو يعلمه بإعلام الشارع، نظير الكفارة والتوبة وغيرهما من الحسنات التي يذهبن السيئات.
ويرد عليه: أن الظن بثبوت مقتضي المفسدة مع الشك في وجود المانع كاف في وجوب الدفع، كما في صورة القطع بثبوت المقتضي مع الشك في وجود (1) المانع، فإن احتمال وجود المانع للضرر أو وجود ما يتدارك الضرر لا يعتنى به عند العقلاء، سواء جامع الظن بوجود مقتضي الضرر أم القطع به، بل أكثر موارد التزام العقلاء التحرز عن المضار المظنونة - كسلوك الطرق المخوفة وشرب الأدوية المخوفة ونحو ذلك - من موارد الظن بمقتضي الضرر دون العلة التامة له، بل المدار في جميع غايات حركات الإنسان - من المنافع المقصود جلبها والمضار المقصود دفعها - على المقتضيات دون العلل التامة، لأن الموانع والمزاحمات مما لا تحصى ولا يحاط بها.
وأضعف من هذا الجواب ما يقال: إن في نهي الشارع عن العمل بالظن كلية إلا ما خرج، ترخيصا في ترك مراعاة الضرر المظنون، ولذا لا يجب مراعاته إجماعا في القياس.
ووجه الضعف ما ثبت سابقا (2): من أن عمومات حرمة العمل