والمرأة التي كان يداويها عيسى عليه السلام فأبرأها الله من الجنون جاءتا تبكيان حيث المصلوب فجاءهما عيسى فقال: ما تبكيان؟ فقالتا عليك فقال: إني قد رفعني الله إليه ولم يصبني إلا خيرا وإن هذا شبه لهم فأمري الحواريين يلقوني إلى مكان كذا وكذا فلقوه إلى ذلك المكان أحد عشر وفقدوا الذي كان باعه ودل عليه اليهود فسأل عنه أصحابه فقال: إنه ندم على ما صنع فاختنق وقتل نفسه فقال: لو تاب لتاب الله عليه. ثم سألهم عن غلام تبعهم يقال له يحيى فقال هو معكم فانطلقوا فإنه سيصبح كل إنسان يحدث بلغة قومه فلينذرهم وليدعهم. سياق غريب جدا.
ثم قال ابن جرير: حدثنا ابن حميد حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال: كان اسم ملك بني إسرائيل الذي بعث إلى عيسى ليقتله رجلا منهم يقال له داود فلما أجمعوا لذلك منه لم يفظع عبد من عباد الله بالموت فيما ذكر لي فظعه ولم يجزع منه جزعه ولم يدع الله في صرفه عنه دعاءه حتى إنه ليقول فيما يزعمون اللهم إن كنت صارفا هذه الكأس عن أحد من خلقك فاصرفها عني وحتى إن جلده من كرب ذلك ليتفصد دما فدخل المدخل الذي أجمعوا أن يدخلوا عليه فيه ليقتلوه هو وأصحابه وهم ثلاثة عشر بعيسى عليه السلام فلما أيقن أنهم داخلون عليه قال لأصحابه من الحواريين وكانوا اثني عشر رجلا فرطوس ويعقوبس ويلاونخس أخو يعقوب وانداريس وفيلبس وابن يلما ومنتا وطوماس ويعقوب بن حلقايا ونداوسيس وقتابيا وليودس ركريايوطا قال ابن حميد: قال سلمة قال ابن إسحاق وكان فيهما ذكر لي رجل اسمه سرجس وكانوا ثلاثة عشر رجلا سوى عيسى عليه السلام جحدته النصارى وذلك أنه هو الذي شبه لليهود مكان عيسى قال فلا أدري هو من هؤلاء الاثني عشر أو كان ثالث عشر فجحدوه حين أقروا لليهود بصلب عيسى وكفروا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الخبر عنه فإن كانوا ثلاثة عشر فإنهم دخلوا المدخل حين دخلوا وهم بعيسى أربعة عشر وإن كانوا اثني عشر فإنهم دخلوا المدخل وهم ثلاثة عشر.
قال ابن إسحاق: وحدثني رجل كان نصرانيا فأسلم أن عيسى حين جاءه من الله إني رافعك إلي قال: يا معشر الحواريين أيكم يحب أن يكون رفيقي في الجنة حتى يشبه للقوم في صورتي فيقتلوه في مكاني فقال سرجس: أنا يا روح الله. قال: فاجلس في مجلسي فجلس فيه ورفع عيسى عليه السلام فدخلوا عليه فأخذوه فصلبوه فكان هو الذي صلبوه وشبه لهم به وكانت عدتهم حين دخلوا مع عيسى معلومة قد رأوهم فأحصوا عدتهم فلما دخلوا ليأخذوه وجدوا عيسى وأصحابه فيما يرون وفقدوا رجلا من العدة فهو الذي اختلفوا فيه وكانوا لا يعرفون عيسى حتى جعلوا ليودس ركريايوطا ثلاثين درهما على أن يدلهم عليه ويعرفهم إياه فقال لهم إذا دخلتم عليه فإني سأقبله وهو الذي أقبل فخذوه فلما دخلوا وقد رفع عيسى ورأى سرجس في صورة عيسى فلم يشك أنه هو فأكب عليه فقبله فأخذوه فصلبوه.
ثم أن ليودس ركريايوطا ندم على ما صنع فاختنق بحبل حتى قتل نفسه وهو ملعون في النصارى وقد كان أحد المعدودين من أصحابه وبعض النصارى يزعم أنه ليودس ركريايوطا هو الذي شبه لهم فصلبوه وهو يقول إني لست بصاحبكم أنا الذي دللتكم عليه والله أعلم أي ذلك كان. وقال ابن جرير عن مجاهد: صلبوا رجلا شبه بعيسى ورفع الله عز وجل عيسى إلى السماء حيا واختار ابن جرير أن شبه عيسى ألقى على جميع أصحابه.
وقوله تعالى: " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا " قال ابن جرير:
اختلف أهل التأويل في معنى ذلك فقال بعضهم معنى ذلك " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " يعني قبل موت عيسى يوجه ذلك إلى أن جميعهم يصدقون به إذا نزل لقتل الدجال فتصير الملل كلها واحدة وهي ملة الاسلام الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي حصين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " قال: قبل موت عيسى ابن مريم عليه السلام وقال العوفي عن أبن عباس مثل ذلك وقال أبن مالك في قوله " إلا ليؤمنن به قبل موته " قال: ذلك عند نزول عيسى وقبل موت عيسى ابن مريم عليه السلام لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا آمن به وقال