سورة الليل إحدى وعشرون آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم (والليل إذا يغشى. والنهار إذا تجلى. وما خلق الذكر والأنثى) (سورة الليل) قال القفال رحمه الله: نزلت هذه السورة في أبي بكر وإنفاقه على المسلمين، وفي أمية بن خلف وبخله وكفره بالله، إلا أنها وإن كانت كذلك لكن معانيها عامة للناس، ألا ترى أن الله تعالى قال: * (إن سعيكم لشتى) * (الليل: 4)، وقال: * (فأنذرتكم نارا تلظى) * (الليل: 14) ويروى عن علي عليه السلام أنه قال: " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدنا حوله فقال: ما منكم نفس منفوسة إلا وقد علم الله مكانها من الجنة والنار، فقلنا يا رسول الله أفلا نتكل؟ فقال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له " * (فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى) * (الليل: 7, 5) فبان بهذا الحديث عموم هذه السورة.
* (والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى) *.
اعلم أنه تعالى أقسم بالليل الذي يأوي فيه كل حيوان إلى مأواه ويسكن الخلق عن الاضطراب ويغشاهم النوم الذي جعله الله راحة لأبدانهم وغذاء لأرواحهم، ثم أقسم بالنهار إذا تجلى، لأن النهار إذا جاء انكشف بضوئه ما كان في الدنيا من الظلمة، وجاء الوقت الذي يتحرك فيه الناس لمعاشهم وتتحرك الطير من أوكارها والهوام من مكامنها، فلو كان الدهر كله ليلا لتعذر المعاش ولو كان كله نهارا لبطلت الراحة، لكن المصلحة كانت في تعاقبهما على ما قال سبحانه: * (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة) * (الفرقان: 62)، * (وسخر لكم الليل والنهار) * (إبراهيم: 33) أما قوله: * (والليل إذا يغشى) * فاعلم أنه تعالى لم يذكر مفعول يغشى، فهو إما الشمس من قوله: * (والليل إذا يغشاها) * (الشمس: 4) وإما النهار من قوم: * (يغشي الليل والنهار) * (الرعد: 3) وإما كل شيء يواريه بظلامه من قوله: * (إذ وقب) *) الفلق: 3) وقوله: * (والنهار إذا تجلى) * أي ظهر بزوال ظلمة الليل، أو ظهر وانكشف بطلوع الشمس.
* (وما خلق الذكر والانثى) *.
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في تفسيره وجوه أحدها: أي والقادر العظيم القدرة الذي قدر على خلق الذكر والأنثى من ماء واحد، وقيل: هما آدم وحواء وثانيها: أي وخلقه الذكر والأنثى وثالثها: ما بمعنى من أي ومن خلق الذكر والأنثى، أي والذي خلق الذكر والأنثى.