ووجوه يومئذ عليها غبرة (40) ترهقها قترة (41) أولئك هم الكفرة الفجر (42) وأما الضاحكة والمستبشرة، فهما محمولتان على القوة النظرية والعملية، أو على وجدان المنفعة ووجدان التعظيم.
(ووجوه يومئذ عليها غبرة، ترهقها قترة، أولئك هم الكفرة الفجرة) قال المبرد الغبرة ما يصيب الانسان من الغبار، وقوله (ترهقها) أي تركها عن قرب، كقولك رهقت الجبل إذا لحقته بسرعة، والرهق عجلة الهلاك، والقترة سواد كالدخان، ولا يرى أوحش من اجتماع الغبرة والسواد في الوجه، كما ترى وجوه الزنوج إذا اغبرت، وكأن الله تعالى جمع في وجوههم بين السواد والغبرة، كما جمعوا بين الكفر والفجور، والله أعلم.
واعلم أن المرجئة والخوارج تمسكوا بهذه الآية، أما المرجئة فقالوا إن هذه الآية دلت على أن أهل القيامة قسمان: أهل الثواب، وأهل العقاب، ودلت على أن أهل العقاب هم الكفرة، وثبت بالدليل أن الفساق من أهل الصلاة ليسوا بكفرة، وإذا لم يكونوا من الكفرة كانوا من أهل الثواب، وذلك يدل على أن صاحب الكبيرة من أهل الصلاة ليس له عقاب، وأما الخوارج فإنهم قالوا دلت سائر الدلائل على أن صاحب الكبيرة يعاقب، ودلت هذه الآية على أن كل من يعاقب فإنه كافر، فيلزم أن كل مذنب فإنه كافر (والجواب) أكثر ما في الباب أن المذكور ههنا هو هذان الفريقان، وذلك لا يقتضى نفى الفريق الثالث، والله أعلم، والحمد لله رب العالمين وصلاته على سيد المرسلين محمد النبي وآله وصحبه أجمعين.